إذا كان التملق عيبا من عيوب الشخصية المراوغة والمبتذلة، يمتد خطره إلى المجتمع حيث يساهم في صناعة الاستبداد الفردي والمؤسسي على حد سواء؛ فإن هناك خطيئة لا تقل عنه وربما تصل إلى الجرم بحق الآخرين من حيث إنكار ما يستحقونه، هذه الخطيئة تتمثل في عدم الإشادة بأهل الفضل من ذوي الهيئات؛ كي لا يظن ذلك نفاقا، والحق أن الشخصيتين المتملقة والأخرى الجاحدة فضل ذوي الفضل متطرفتان وضارتان وغير سويتين. من هذا المبدأ المنكر لفعال تلك الشخصيتين أجدني ملزما بالإشادة بصفات التميز النادرة، وإذا كان الأمير الراحل –يرحمه الله- قد تميز باستقامته وحفظ نفسه ورفعها عن صغائر الأمور إلى الحد الذي لم يجعل أحدا يحفظ له نبوة أو صبوة طيلة عمره المديد؛ فإن أبناءه بسمو أخلاقهم وطهر نفوسهم وتهذيبهم لم يفتحوا عليه ثغرة تخدش نجابة تأريخه، بل ما هو أهون من ذلك إذ لم تحفظ الذاكرة الشمالية لهم اعتداءات أو مشاحنات أو تطاول كما يحدث في مثل ذلك السن. أبناء عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد الذين عاشوا طفولتهم وسن الشباب المتجاوز في عرعر لم يخذلوا سيرة والدهم، وكأنما كانوا يرددون مع الشاعر القديم بلهجة المفتخر المتحدي: أسمي -ويحك- هل سمعت بغدرة رفع اللواء لنا بها في محفل ومثلما لم يُلوث تاريخهم الشريف -حقا- عند كل منصف بفعلة خادشة للحياء أو تجاوز فكذلك لم يذكر عنهم مواقف زهو وتمييز يشعران المقابل بأنهم من طبقة مختلفة، بل كان زملاؤهم يحبونهم حبَّ الصديق لصديقه. وفي الوقت نفسه عندما يذهب أحد من أبناء هذه المنطقة إلى مكان فيه أحد منهم يشعر بأن في ذلك المكان واحدا من أهله. إذا فلا غرابة أن يفرحوا بالقرار الكريم الذي صدر بتعيين الأمير مشعل أميرا لهذه المنطقة، أليس واحدا من تلك الكوكبة الجميلة التي لم يعرف منها إلا الصفحة النقية؟ وفوق ذلك فشخصية تملك وعي مشعل وخبرته وعلمه وسيرته التي أهلته لأن يكون قريبا من صناع القرار ويكسب ثقتهم ستكون مكسبا لهذه المنطقة ومعقد أمل كبير بعد الله. وكي نستضيء أكثر عن شخصية سموه تحدثنا مع لواء ركن متقاعد/ مساعد بن راشد الرومي الذي خبر عن كثب، حيث أكد الرومي أن فرحة أبناء هذه المنطقة بأميرهم ليست غريبة لأسباب متعددة، فقد ولد ونشأ وتعلم بمدارس المنطقة حتى المرحلة الثانوية. إذ هو ابن عرعر ورفحاء وطريف ولينة والعويقيلة وسماح وشعبة نصاب والجراني وحزم الجلاميد والدويد ولوقه والشمال كله....! يعرفونه ويعرفهم...! وجاء صدور هذا القرار الملكي الكريم الموفق على إثر وفاة والد سموه الأمير عبدالله -رحمه الله تعالى- الذي خدم المنطقة كأمير لها وكان رحيله مُراً على الجميع؛ لما عرف عن سموه من بساطة وحكمة وحنكة اكسبته -رحمه الله- حباً لا حدود له من أهالي المنطقة، ويؤكد الرومي أن الأمير الدكتور مشعل بن عبدالله -حفظه الله- جدير بهذه الثقة الملكية، وأهل لها بحول الله؛ بما يملكه من شهادات علمية وخبرة عملية. وعن مسيرة الأمير مشعل المبكرة وطموحه ونبوغه يقول الرومي: شد سموه رحال طلب العلم بعد الثانوية مباشرة صوب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران لدراسة اللغة الإنجليزية وبعدها اتجه إلى أمريكا؛ للدراسة في جامعة "Ferris" بولاية Michigan ليتخرج منها حاملا البكالويوس في الإدارة الصناعية، ثم حصل على الماجستير في إدارة الأعمال الدولية من المدرسة الأمريكية للدراسات العليا، وكذلك ماجستير العلوم السياسية، من جامعة "Denver"بولاية Colorado قبل أن يحصل على شهادة الدكتوراه في تخصص العلاقات الدولية من نفس الجامعة. وقد ألمح الرومي من خلال عرضه لهذه المسيرة إلى المحطات التي كان الأمير مشعل يختارها بدءا من الجامعة السعودية المتميزة والجادة إلى الجمع بين ماجستيرين، وهذه همة لا يدركها إلا من عرف قدر عقله وامتلك طموحا لا يضاهى، ومن يبني نفسه قمين بأن يكون بارعا في البناء والتكوين. وعن الجانب الشخصي لسموه يؤكد اللواء مساعد أن المقربين من سموه يعرفون كل الجوانب الإيجابية في شخصيته من نواح عدة، فمن جهة السلوك والتعامل عرفوا منه دماثة خلقه مع الجميع وعطفه على الضعيف والمحتاج، وعلى المستوى الديني تجلت منه محافظته على شعائر الدين السمحة، ويشير الرومي إلى زاوية تكوينية مهمة في حياة هذا الأمير حيث إن سموه مثقف وقارئ نهم، بالكاد تمر سحابة يومه دون تصفح وتدارس كتاب. وعن السلوك الإداري الذي يحفز على النجاح الشخصي والمؤسسي يجزم الرومي جزما قاطعا بأن الوقت بالنسبة لسموه دائماً ذو قيمة، ويعرف من تعامل معه حرصه الشديد على المحافظة على مواعيده والالتزام بها. يجد في إنجاز المهام الموكلة له، ويكره التسويف والتواكل، وهو مع جده وحزمه عُرف بالتواضع والبعد عن كل ما يدل على شخصيته الاعتبارية فهو يقرّب أهل الفضل والعلم ويحبهم ويكره التزلف. أما عن الجانب العملي لسموه فيؤكد الرومي أنه هو حافل بالإنجاز إلى الدرجة التي استحق معها أن يكون محل ثقة من ولاة الأمر -حفظهم الله- ففي عام م أنهى دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية، وعند وصوله إلى المملكة التحق بدورة التطوع بالجيش إبان حرب الخليج الثانية. بعدها عمل مديراً لوحدة الدراسات في مكتب وزير الدفاع آنذاك، وبعد ذلك عمل مديرا لمركز المعلومات الخاص لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- وعمل عضوا في مجلس إدارة الموسوعة العربية العالمية، ثم عين في ديوان ولي العهد بالمرتبة الممتازة وبعدها مستشارا لخادم الحرمين الشريفين بمرتبة وزير. ويضيف: كان محل ثقة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان -رحمه الله- لذلك أوفده في مهمات خارجية كثيرة، كما كان محل ثقة صاحب السمو الملكي الأمير نايف -رحمه الله-حيث كلفه بحضور كثير من الاجتماعات. وامتدادا لهذه الثقة عينه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مستشارا خاصا بمرتبة وزير قبل تعيينه أميرا لمنطقة الحدود الشمالية، وسموه حاصل على بعض الأوسمة والأنواط الخارجية والداخلية. أما من الناحية الاقتصادية فيؤكد الرومي إلى خبرة الأمير مشعل في هذا الجانب من التخصص، خاصة وأن منطقة الحدود الشمالية على موعد بحول الله مع حراك وتنمية اقتصادية واعده. إذ إن الملفات الاقتصادية والتنموية في المنطقة تشكل تحدياً للأمير الشاب الذي هو لها بحول الله بعلمه وكفاءته وخبرته وبما يحمله من شهادات في الإدارة الصناعية تحديدا، فالمنطقة بدأت مؤخراً بشحن الفوسفات الخام من منطقة حزم الجلاميد إلى رأس الخير بواسطة القطار، ويوجد بها شركة معادن كما وأنها تنتظر على أحر من الجمر اكتمال مشروع الملك عبدالله لتطوير مدينة وعد الشمال والذي بلغت تكلفته مليار ريال، ومن المتوقع أن يوفر هذا المشروع فرص عمل كبيرة لشباب المنطقة ويسهم في تحسين البنية التحتية والصناعية للمنطقة، ويمر بالمنطقة الخط الدولي القادم من الخليج باتجاه بلاد الشام، ويوجد بها منفذ جديدة عرعر المنفذ الوحيد بين المملكة والعراق حيث تمتد تلك الحدود المملكه على مسافة 800 كم. كما وان المنطقة تشكل خزانا للثروة الحيوانية على مستوي المملكة وتنتظر فتح ملفات الاستثمار والتطوير.. هذه كلها عوامل جذب اقتصادي مبشرة بمستقبل واعد للمنطقة بحول الله. وفي الختام كرر الرومي تهنئته للأمير مشعل بهذه الثقة الملكية الكريمة مع تمنياتنا القلبية الصادقة لسموه بالتوفيق والسداد في ظل حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. والله ولي التوفيق والسداد ودعواتنا الصادقة أن يحفظ الله البلاد والعباد.