×
محافظة حائل

متحف حائل يفتح أبوابه في العيد

صورة الخبر

ليس مستغرباً منظر سباق الشاحنات على الطرق السريعة، بعد أن تحولت المسارات المخصصة للسيارات إلى مضمار تجري عليه المركبات الثقيلة بكل سرعة، مهددةً حياة سائقي السيارات الصغيرة، التي تجد نفسها وسط إعصار أهوج عند مرور الشاحنات. وعلى الرغم من أن الأنظمة المرورية تُشدّد على إلزام سائقي الشاحنات بالمسار الأيمن فقط، وكذلك منعها من التحرك في فترات الكثافة المرورية، إلاّ أن بعض سائقي الشاحنات يتحايل على المواقع التي تتواجد فيها نقاط التفتيش أو الدوريات الأمنية، من خلال استخدام طرق فرعية ومن ثم العودة إلى الطرق الرئيسة، حيث يتواصل السائقون فيما بينهم لإخبار بعضهم البعض بوجود نقاط تفتيش تمنع تحركهم في أوقات الذروة، لرغبتهم بمسابقة الزمن بهدف كسب أكبر قدر ممكن من المال، حتى لو أدى ذلك إلى مخالفة الأنظمة التي يكون نتائجها غير محمودة في أحيان كثيرة. ويعاني الكثير من أصحاب المؤسسات الخاصة بالنقل الثقيل من عدم توفر عمالة متخصصة ذات خبرة في مجال قيادة الشاحنات، التي تحتاج إلى بعض المواصفات؛ أهمها الوعي المروري، وكذلك قوة وتحمل تساعد على التركيز أثناء القيادة، فالحاصل هو استقطاب عمالة تفتقد إلى الخبرة، وتدريبهم فترة زمنية بسيطة، ثم تسليمهم الشاحنات بعد اجتياز اختبارات الحصول على رخصة النقل الثقيل. ولوحظ خلال جولة "الرياض" على طريق (الدمام، الرياض السريع) كثرة الشاحنات ومضايقتها للسيارات الصغيرة, وهو ما يُحتم تخصيص مسارات خاصة بها، عبر تكاتف الجهود بين وزارة النقل والقطاع الخاص، وطرح فكرة إيجاد "طُرق خاصة" بالشاحنات فقط وبرسوم مالية، حيث سيكون ذلك مقبولاً ومجدياً اقتصادياً، نسبة إلى العدد الهائل من الشاحنات، كما أنه من المهم تأسيس مركز متخصص لأبحاث الطرق، يُساهم في دراسة ما يعتريها من مخاطر وسلبيات. خبرة ضعيفة وقال "فهد الأكلبي": إن مشكلة تسليم الشاحنات لأشخاص لا يملكون الخبرة الكافية في التعامل مع الأوزان الثقيلة للمقطورات، يؤدي في كثير من الأحيان إلى حوادث خطرة، أو انقلاب في المنعطفات، أو أثناء نزولها في بعض المنحدرات بطريقة جانبية، حيث يستدعي ذلك استخدام سرعة محددة أو طريقة خاصة في النزول إلى المنحدر تتناسب مع وزن الشاحنة، مضيفاً أن أصحاب المؤسسات يمارسون ضغوطاً كثيرة على سائقيها، حيث تجبرهم على العمل ساعات طويلة على الطريق دون راحة، بهدف زيادة أرباحها، وهو ما يؤدي إلى إنهاك السائق وفقده للتركيز، فيما كثير منهم يتعرضون إلى نوبات نوم مفاجئة لتتحول الشاحنة إلى قذيفة عشوائية تهدد أرواح السائقين المجاورين، مشيراً إلى أنه يلجأ سائقون آخرون لاستخدام الحبوب المنشطة والمسهرة والتي يوفرها بعض أصحاب المؤسسات لسائقيهم، رغم التحذيرات الكثيرة المتعلقة باستخدام مثل هذه الحبوب، التي تدخل ضمن الأمور المحظورة. قوافل طويلة وأوضح "باتع الشمري" أن هناك كثافة للشاحنات على الطرق السريعة، حيث تزاحم المركبات الصغيرة، خاصةً أيام الإجازات والعطلات الأسبوعية، التي يزداد فيها سفر المواطنين الذين يستغلون إجازة نهاية الأسبوع للتوجه إلى زيارة أقاربهم في المناطق البعيدة عن مقر أعمالهم، لتصبح الطرق أشبه بالقوافل الطويلة التي تجمع الشاحنات بالمركبات الصغيرة، مطالباً بضرورة أن تتحرك الجهات المعنية لمحاولة إيجاد طرق بديلة للشاحنات وإبعادها عن الطرق ذات كثافة الاستخدام من قبل أصحاب المركبات الصغيرة، مبيناً أن أكثر الأخطار تكون في الطرق المزدوجة الاتجاه، التي يكثر فيها التجاوز الخاطئ، وهو ما يؤدي إلى مصرع الكثير من السائقين، نظراً إلى تصادم السيارات وجهاً لوجه، وقد ينتج بتهور بعض السائقين وعدم التزامهم بالأنظمة التي تمنع التجاوز في بعض المواقع كالمنعطفات، التي يصعب فيها رؤية السيارات القادمة من الاتجاه الآخر. وأضاف أن بعض سائقي الشاحنات لا يُبالي بخطورة تجاوز السرعة المحددة، بل وقد يصل الأمر إلى التجاوز بطريقة جنونية، حتى مع وجود حمولة ذات خطر كبير كمنتجات النفط والغازات، أو الحمولات ذات الأوزان الثقيلة، التي قد تسبب فقدان السائق السيطرة في حال تعرضت المقطورة للانحراف أو الانزلاق. اشتراطات السلامة وأكد "عبدالرحمن بن محمد الخلوفي" -المشرف العام على العلاقات العامة والإعلام بجامعة الأمير محمد بن فهد- على أنه يفتقد الكثير من الشاحنات لأبسط اشتراطات السلامة، وهو ما يؤدي إلى وقوع الحوادث المرورية على الطرق السريعة، خاصةً في الأوقات المسائية في المناطق التي لا تتوفر فيها الإضاءة، مضيفاً: "تشكل الحوادث المرورية اليومية هاجساً كبيراً للكثير من مرتادي الخطوط السريعة في المملكة، حيث تلعب الشاحنات دوراً كبيراً في أسباب هذه الحوادث، خاصةً في الأوقات المسائية، وعلى الرغم من المساعي التي تبذلها الجهات المسؤولة، إلاّ أنها في نظري لا تزال قاصرة، حيث إن من أسباب الحوادث تحديداً هي الشاحنات التي تسير في عتمة الليل وفي الطرق المظلمة بمصابيح ضعيفة، أو بدون تركيب أنوار جانبية تساعد على تنبيه السائقين الآخرين بحجم الشاحنة ومساحتها". شريط عاكس واقترح "الخلوفي" دراسة تطبيق نظام يجبر أصحاب الشاحنات بتركيب الشريط العاكس على الشاحنات الصغيرة والمتوسطة ولجميع المعدات الثقيلة من جميع جهات المركبة؛ حتى يساهم هذا الإجراء من وضوح المركبات في العتمة، وليتمكن السائقون من تفاديها، مضيفاً أن هذه التجربة مطبقة في العديد من دول العالم إضافة إلى دول الخليج، مبيناً أن تطبيق هذا الأمر وتجربته على مستوى المنطقة الشرقية حالياً وعلى المملكة بالمستقبل القريب سوف يساهم في تلافي الحوادث المميتة، سواء إذا كانت الشاحنة تسير في الطريق أو متوقفة، مُشدداً على أهمية إلزام السائقين وأصحاب الشاحنات بوضع اللاصق العاكس، والتأكيد عليه عند مراجعته لإصدار استمارة السيارة أو تجديدها، إضافةً إلى تطبيقه في الفحص الدوري ومن خلال نقاط التفتيش المتواجدة، والتعميم على كل الشركات الخاصة للنقل وغيرها. لماذا لا يتم إنشاء «مسارات خاصة» لسيارات النقل الثقيل برسوم مالية وتأسيس «مركز متخصص» للطرق؟ مركز مُتخصص وانتقد "د.مشاري بن عبدالله النعيم" -أستاذ النقد المعماري في جامعة الدمام- غياب مركز متخصص لأبحاث الطرق وتطوير مواد الرصف والتعامل مع المناطق الصحراوية، على الرغم من السنوات الطويلة التي تشهد على مشاكل متعددة تؤدي في كثير من الأحيان إلى زيادة نسبة الحوادث المرورية، التي يروح ضحيتها العديد من السائقين مستخدمي الطرق السريعة ذات طبقات الإسفلت المُتردية، إضافةً إلى كثافة في عدد الشاحنات التي يفترض أن يتم تخصيص مسارات خاصة لها من قبل وزارة النقل، حتى تبعدها عن السيارات الصغيرة التي تتحول كالورقة الصغيرة في مهب الريح عند مرور بعض الشاحنات عليها بشكل متهور، مُشدداً على ضرورة أن تتكاتف الجهود بين وزارة النقل والقطاع الخاص لبناء طرق خاصة بالشاحنات فقط وبرسوم مالية، فيما تبقى الطرق الحالية للسيارات فقط، موضحاً أن هذا الحل مقبول وسيكون مجدياً اقتصادياً للكثير من المهتمين في القطاع الخاص، نسبة إلى العدد الهائل من الشاحنات التي صارت تحدث خللاً حقيقياً في الطرق البرية بين مدن المملكة. اعتراض الطريق وروى "د.النعيم" معاناته الأسبوعية، حيث يستخدم طريق (الدمام، الرياض) بشكل دوري، ويشاهد حوادث مروعة على مدى سنوات، مضيفاً: "أذكر مرة، أنه في منتصف الليل انفجرت شاحنة محملة بالوقود، بعد أن اعترضت الطريق وبشكل مفاجئ وتحولت إلى كتلة من النار، والحمد لله أنه لم يصطدم بها أحد، لنضطر إلى النزول للصحراء تفادياً للنار التي ظلت مشتعلة ساعات طويلة، فيما شاهد في مرة أخرى انفلات إطار أحد الشاحنات وانطلاقه كالرصاصة ليضرب في السيارة التي خلفها، مما أدّى إلى انقلابها وإصابة ركابها، وفي حادث آخر كان سببها سائق استسلم للنوم أثناء القيادة لتخرج الشاحنة عن الطريق وتحطم شبك الجزيرة الوسطية لتنتقل إلى المسار الآخر وتصطدم في مركبات قادمة في حادث مميت، وهناك الكثير من الحوادث المميتة التي تكتظ بها الذاكرة". فوضى كبيرة وأشار "د.النعيم" إلى أنه يرى هذه الأيام طوابير الشاحنات بالكيلومترات متوقفة قبل مدينة الرياض تنتظر الإذن بالدخول، وهي طوابير تسبب إرباكاً للطريق وتؤدي إلى حوادث يومية، مضيفاً أنه لم يُشاهد في حياته شاحنات تتجاوز الأخرى بشكل جنوني، بل ولم ير شاحنات تتسابق مع السيارات الصغيرة إلاّ في طُرقنا، مؤكداً على أن أسباب حوادث الطرق لا تقتصر على السرعة فقط وإن كانت عاملاً أساسياً، مبيناً أن من العوامل المهمة هي الفوضى التي تعاني منها الطرق البرية، وسوء تنفيذها، مما جعل مسار الشاحنات يصاب ب"التخدد" بعد فترة بسيطة من سفلتة الطريق، وهو ما يؤكد وجود تقصير إمّا من قبل محطات وزن الشاحنات أو الجهات العاملة في الرصف والسفلتة، حيث أنه من المستحيل أن تكون المواصفات المستخدمة في الطرق صحيحة وجيدة.