هل يمكن إطلاق اسم (أوباما جيت) على فضيحة التجسس الأمريكية على حلفاء أمريكا على غرار فضيحة وترجيت المشهورة وما جاء بعدها من فضائح؟ الجديد في هذه الفضيحة أن رئيس لجنة الاستخبارات بالكونجرس الأمريكي يقول إن تجسس أمريكا حافظ على أمن الأوربيين وأن أوروبا يجب أن تشكر أمريكا لتجسسها عليها. هذا تبرير غريب ولو كان هذا هو الهدف من التجسس فلماذا غضبت أوروبا؟ وماذا عن التجسس الاسرائيلي على أمريكا مثلا، هل هو من أجل أمن أمريكا مع أن الجاسوس لايزال في السجن؟ بالمنطق الأمريكي سوف توجه الدول دعوة لأمريكا للتجسس عليها من أجل حمايتها، وفي حالة الدول العربية سوف تتجسس أمريكا على فلسطين لحمايتها من اسرائيل. هذا هو المنطق الأمريكي والمفهوم الجديد للتجسس. واذا تذكرنا حرب الجاسوسية بين أمريكا والاتحاد السوفياتي سابقا فماذا نقول عن ذلك التجسس، وهل كان كل طرف يسعى للحفاظ على أمن الطرف الآخر؟! انه سؤال ساذج وسنتبعه بأسئلة أكثر سذاجة لأن عملية التجسس الأمريكية وما أعقبها من تبريرات تجرنا الى طرح مثل هذه الأسئلة ومنها : اذا كانت عملية التجسس من أجل أمن أوروبا فلماذا لم يكن هناك تنسيق من نوع (يسرنا إبلاغكم أننا سوف نتجسس عليكم من أجل حمايتكم)؟ واذا كان التجسس على الأعداء يتم لأسباب اقتصادية أو عسكرية أو علمية أو سياسية فماذا عن التجسس على الحلفاء، وفى أي خانة يمكن تصنيفه؟ إن أمريكا ترفض من يتجسس عليها حتى لو كان من اسرائيل والمعروف أن الجاسوس الإسرائيلي الذي تجسس على أمريكا قبل 27 سنة حكم عليه بالسجن مدى الحياة. من حق الدول الأوروبية وغيرها من الدول ومنها دول عربية أن تغضب من عملية التجسس، ومن حقها أن تتقدم بمشروع يطرح على الأمم المتحدة لحماية الحريات الفردية ومكافحة التجسس فهل ستوافق أمريكا وتوقع على اتفاقية تحقق هذا الهدف؟ وهل ستعود الثقة بين الحلفاء بعد هذه الفضيحة، وحتى لو تم إقرار هذا المشروع فكيف يتم التأكد من الالتزام به؟ في عالم الحلفاء (وليس الأصدقاء) وهو عالم يسوده عدم الثقة وتغير التحالفات يتعين على كل دوله أن تتجسس على نفسها لحماية نفسها وأن تكون قوية من الداخل و أن تكون الثقة هي أساس الأمن الوطني ووحدة الوطن.