×
محافظة حائل

صورة - سعودي متوفٍ قرب سيارته

صورة الخبر

خلال الفترة 2003-2006 عانت بلدنا من هجمات إرهابية دامية، عندها لم يكن هناك إلا صوت واحد هو صوت الحفاظ على الوطن. ومع الموجة الراهنة، ولعلها أشد شراسة وخبثاً، يجب ألا يسمع إلا صوت الوطن. في تلك الهجمة كانت الأدوات المستخدمة هم من المواطنين، وحالياً الأمر كذلك. وهذا يتطلب أن نتفكر في كيفية الفكاك وصيانة الوطن ومواطنيه من أحابيل الإرهاب ومخططاته، فالخطة لابد أن تقابلها خطة، والاستراتيجية لابد أن تجابهها استراتيجية. لننظر من حولنا، ليس بعيداً بل فيما بيننا، في مجموعات الواتسأب، وفي برامج التلفزيون، وفي نقاشاتنا على موائد الإفطار، وفي دعوات «الغبقة»، وفي الديوانيات. هل نحن نناقش أمر الوطن، أم نتحدث طائفياً بلغة «هم» و«نحن»؟! هذه اللغة لم تكن حاضرة في أحداث الإرهاب في الفترة 2003-2006، ومجرد حضورها الآن بهذه الفجاجة، يعني نجاحاً لمن يتربص شراً بوحدتنا الوطنية، فقد نجح في أن جعل للحديث الطائفي زخما ووقعا ويتناول على نطاق واسع. من يريد أن يتعامل مع الهجمة الإرهابية الراهنة، عليه إدراك أن الهدف الأساس لها ليس مكونا أو طائفة من بلدنا، بل البلد كله مستهدف، وأن الاستراتيجية المتبعة هي استراتيجية مرحلية، لزرع الفرقة والكراهية والتنازع أولاً، ثم بعد ذلك تتوالى مراحل السيناريو الجهنمي للسيطرة على البلاد والعباد. مجابهة تلك الاستراتيجية المرحلية، لا تتحقق بإشهار أصابع الاتهام، وتوجيهها لبعضنا البعض، كما أنها لا تجابه بالتعمية والحديث العام الفضفاض. تجابه بفهمها أولاً، ثم بوضع برنامج وطني لمجابهتها ثانياً، وتنفيذه تنفيذاً حذافيرياً ثالثاً. وبالتأكيد، فنجاح كل ذلك مرهون بتوفيق الله ثم بالشفافية مع الذات والحرص على عدم إضاعة المزيد من الوقت، في جدل عقيم بيننا، في معلقة عمرها قرون، معلقة «نحن وأنتم»! ولعل من الملائم القول إن وضع وتنفيذ الاستراتيجية المضادة لا يمكن أن يكون بمعزل عن المجتمع، فدوره في إنجازها أساسي. بل لابد لنا، تمهيداً لذلك، من وقفة وطنية جامعة، تبين لكلِ كاره أننا يدٌ واحدة، وأننا قررنا أن نعزز وضعنا كحزمة واحدة مترابطة متآزرة. هذه الرسالة مهمة، لكنها غير كافية، إذ لابد من قطع دابر المشائين بالفتنة بين مكونات الوطن، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الاتفاق على صيغة للاحترام والتعايش المتبادل، هناك من قد لا يرضيه هذا الأمر، ولكن في سبيل تحقيق مصلحة الوطن والحفاظ على الأمن والأمان والاستقرار الاجتماعي والازدهار الاقتصادي وتأمين مصالح المملكة اقليمياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً فلابد أن يلتزم به الجميع. وأمر محبط حقاً أن نتحلق حول التلفزيون لنشاهد بحماس حلقة تتناول بعداً طائفياً. ليس من العقل إنكار أننا ومنطقتنا برمتها ملتاعة من نار الطائفية البغيضة، ولكن مجرد بث الشكوى لن تطفئ اللهيب المستعر، ولن يفيد أبداً نثر قليل من الماء على تلك النار الهائلة، ومن الجنون القراح إنكار وجودها. هي نارٌ تَكبر وتنتشر، ومهمتنا صعبة حقاً، فلن يتمكن أي طرفٍ أو مكونٍ بمفرده من إطفائها أو حتى السيطرة عليها لتحجيمها، وليس من بدّ أن نتكاتف جميعاً –من باب الضرورة والاضطرار- لإخمادها، حفاظاً على منزلنا الكبير (وطننا). ويبدو أن بيننا من أكل الحقد والكره لهذه البلد مأخذاً بأن لا يمانع من أن يعرضها للخطر ويضحي بمصالحها وبسمعتها في سبيل أن يشفي ما في صدره من غلّ، وما في عقله من وساوس. ولن أحمل أي طرفٍ بعيد ٍ مسئولية هذا الاضطراب في الرؤية الوطنية عند البعض منا، فالعاقل خصيم نفسه، ومسئولية زرع الحرص على وطننا باعتباره «منزلنا الكبير»، هي مسئوليتنا نحن تحديداً؛ لا يمكن أن تتعدانا، ولا يمكن أن نسمح أن تتعدانا، إذ إن زرع حب «منزلنا الكبير» مهمة أصيلة لسكان المنزل وأصحابه وليس لسواهم. اقتلاع هذا الاضطراب الوطني عند البعض، هو التحدي الأساس، فهو مرض يستوجب علاجاً ناجعاً، وإلا ستجد من يمشي بالفتنة والنميمة بيننا في الخفاء، متربصاً بصغارنا واليافعين والمستضعفين والموتورين، ليس ليساعدهم وليرشدهم، بل ليزرع في نفوسهم الكراهية والسلبية ضد وطنهم وأهله. «منزلنا الكبير» ليس بحاجة لعواطف جياشة، فحبه يتحقق بالسعي حثيثاً للحفاظ عليه، وتثبيت دعائمه، وجعله أكثر «البيوت» استقراراً وازدهاراً. هذه مطالب طوال بداية تحقيقها مجابهة الذات الأمارة بالسوء. متخصص في المعلوماتية والانتاج