×
محافظة مكة المكرمة

إطلاق أسماء شخصيات بارزة في خدمة الرياضة السعودية على 3 شوارع بـجدة

صورة الخبر

أي جرثومة فكرية تلك التي نخرت عقول مجموعة من الشباب وسممت أفكارهم وأحالتهم إلى كائنات مصاصة للدماء سفّاكة للأرواح كارهة للحياة معادية لجميع البشر، ما عدا من تسمم بذات جرثومتهم، وأكبر الظن أنهم سيأكلون بعضهم بعضاً يوماً ما حين يتعذر أمامهم أن يجدوا فريسة يأكلونها أو يمتصون دماءها. باسم الدين والإسلام تسفك الدماء، وهو الدين الذي جاء رحمة للعالمي! باسم الدين والإسلام يروّع الآمنون المصلون في مساجدهم وهو الذي نهى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، عن قتل العباد في صوامعهم والنساك في معابدهم.. باسم الدين والإسلام يقتل الأبرياء وكأن القتلة المجرمين قد أخذوا وكالة عن الله عز وجل بأن يحيوا من أرادوا وأن يميتوا من أرادوا. أي عبثية نعيشها هذه الأيام ونحن نرى شباباً يشترون الموت والفساد والدمار والخراب بأرواحهم، ويبيعون للعالم بضاعة سوداء مظلمة قاتمة لا تروج إلا في سوق الحقد ولا يتداولها إلا كارهو الإنسانية، والأنكى والأشد والمؤلم أنهم مجرمون باسم الإسلام، وهو من أفعالهم براء، وقتلة باسم الإصلاح، ولا ثمرة لهم إلا الإفساد في الأرض. الإرهاب بلا أخلاق، لأنه بلا دين، وكيف يكون له أخلاق وهو لا يعرف للإنسانية قيمة، ولا يقيم لأوزان الكرامة البشرية وحقوق الآخر وزناً، فالميزان في أيدي أربابه وهم الذين يكيلون ويكتالون على الناس، وهم الذين يقيّمون الآخرين ويقسمونهم فسطاطين، فريق في جنتهم وفريق في سعيرهم، وكل مبادئ القرآن الكريم في اختلاف البشر وكرامة الإنسان وحقه في الحرية حتى في الإيمان والكفر أصبحت في فكرهم قضايا محسومة مقطوعة. أدمت قلوبنا جريمة مسجد الصادق في الكويت الشقيق التي قتل فيها أبرياء مسلمون يتعبدون في بيت من بيوت الله، ولا ذنب لهم إلا أنهم يختلفون فكرياً مع صاحب الفكر المسموم، فلا مجال هنا لـ(وجادلهم بالتي هي أحسن) أو (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).. بل لا بد من الموت للمخالف. تزامنت هذه الجريمة مع جريمة أخرى في تونس الشقيقة أيضاً وضحاياها هذه المرة سياح أبرياء، جاؤوا إلى بلادنا هرباً من حر الصيف فاستقبلهم مجرم آخر بحرّ السيف. لا بد من وقفة عاجلة تعمّ أرجاء العالم الإسلامي وليس العربي فقط، ليضع المسلمون حداً لمن يريد الإساءة لنور وإشراقة هذا الدين، وأن يصادر اسمه لأفعاله الإجرامية، فليس منا القتلة ولن يكونوا من أي صنف إنساني مهما لبسوا من عباءات التدين، لأنهم بلا أخلاق، وهو الجوهر الذي جاء الإسلام ليتممه حين يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). مجتمعاتنا لن تكون محصنة ما لم يقف الجميع وقفة واحدة لإنارة الفكر الشبابي، والاصطفاف معاً ضد إقصاء الآخر، وإنعاش فكر التسامح لا تنظيراً فحسب بل ممارسة اجتماعية، تقول لهؤلاء إننا نقبل الطوائف في مجتمعاتنا ولكننا نحارب الطائفية المقيتة، ونؤكد لزمرة الظلاميين المرضى في إنسانيتهم أن الحياة أرحب وأوسع من نختزلها في فكركم، والله تعالى خلق الشعوب والقبائل لتتعارف لا لكي تتحارب، وشجع بينها التقارب والتعاون ولم يغرِ بينها التباغض والتدابر. نثق بلا شك بأن في مجتمعاتنا الكثير والكثير من الناضجين المتحققين بمعاني الإسلام السمحة والإنسانية الرحبة، ومن أعلى واجباتهم أن ينيروا الطريق أمام الشباب حتى لا تصطادهم في دهاليز الظلمة شبكات مصاصي الدماء، وأن نضع في عقول أبنائنا موازين إنسانية عادلة وقيماً راقية، لأن العقول المجرّفة الممسوحة بيئة خصبة لاستنبات الأفكار المسمومة.