ليست تلك مقولة عادية، ولكنها نهج وأسلوب حياة. صحيح أننا نحتاج لتنفيذ المتطلبات الوظيفية الحياتية اليومية إلى أشخاص عاديين؛ لتأدية الأدوار المنوطة بهم دون زيادة أو نقصان، والمحافظة على تدفق سيل العمل بشكل أقرب إلى روتينية الأداء، حيث إنه من المعروف أننا إذا أدخلنا الكثير من التعديلات على أداء يسير بشكل تلقائي يمكن أن يتسبب ذلك في حدوث مشكلات كبيرة لا تحمد عقباها، لذلك تكون المهمة الأساسية لكل موظف في موقعه هي الحفاظ على مستوى الأداء، مع إحداث تغيرات بسيطة كلما أمكن ذلك. ولكن مع ذلك، وإذا سلمنا بروتينية الأداء لا يسعنا إلا أن نكلف رجالاً أكفاء لتولي المهام التي تطرأ من حين لآخر على صعيد العمل، دون أن نخل بالتوازن الوظيفي في مؤسسة أو إدارة ما. وإذا استطلعنا هذا الأمر بشيء من التفصيل، نجد أنه من حين لآخر تظهر مهام محددة إما تكون عاجلة، أو طارئة، أو ملحة، أو ليس منها مفر، توجب علينا تنفيذها، ودون احتمال للأخطاء أو تقبل لفكرة فشل هذه المهمة، وهنا بالتأكيد نخرج عن الواقع المألوف في اختياراتنا لتولي مثل تلك المهام. إننا من ناحية لا نرغب في أن نؤثر على سير الأعمال الروتينية دون اضطراب، وفي نفس الوقت نرغب في تنفيذ المهام الصعبة بشكل سلس ودون مشكلات. لذلك، كان لا بد من اختيار الأكفاء وأن نمنحهم سلطات واسعة في اتخاذ القرار، حتى يكون بمقدورهم تنفيذ ما كلفوا به من مهام. ولا شك في أن تقدم الدول مرهون باختيار في كل المواقع، العلمية، والإدارية، وغيرها، فمتى اختير الشخص المناسب في الموقع الذي يناسبه كان ذلك أدعى إلى النجاح، وتحقيق التقدم المنشود فيه، فالعلم، والأمانة، والكفاية الإدارية، والقدرة البدنية، هي من الأسس الهامة التي يجب أن يبنى عليها أي اختيار. ومن خلال الحرص الذي توليه الحكومة الرشيدة في تولي الأكفاء للمواقع في الوظائف الحكومية، دشنت برنامج الاختيار والتقييم. وعن هذا البرنامج، أكد وزير الخدمة المدنية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله البراك، أن الوزارة ومن منطلق اهتمامها باستخدام المنهج العلمي في إمداد الجهات الحكومية بموظفين أكفاء، استحدثت برنامج الاختيار والتقييم، ويعد لدى الوزارة المرجع الرئيس وبيت الخبرة الأول في تطوير نظم التقييم والاختيار الوظيفي في المملكة. وقال: «بما أن الجدارة هي الأساس في اختيار الموظفين لشغل الوظيفة العامة، يتطلب منا ذلك أن تعمل الوزارة على استحداث وتطوير برامجها بشكل دوري ومستمر، من خلال توفير أدوات اختيار مبنية على أسس علمية وتتمتع بمصداقية وموثوقية عالية، يمكن استخدامها في عملية اختيار موظفي الخدمة المدنية الأكثر كفاءة». وأوضح أن برنامج الاختيار والتقييم الذي استحدثته الوزارة يسعى لجملة من الأهداف، في مقدمتها: إمداد متخذ القرار في الوزارة بأدوات علمية، من شأنها تزويده بمعلومات شاملة ووافية ومتسمة بالموثوقية والمصداقية عن قدرات وإمكانات المتقدمين لشغل الوظائف العامة، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى من البرنامج (الوقت الحالي) يتم التركيز خلالها على وظائف الدخول للجامعيين (المرتبتان السادسة والسابعة)، على أن يتم التوسع في المراحل اللاحقة من البرنامج لتشمل وظائف الدخول لمرحلة الماجستير (الثامنة) ولمرحلة الدبلوم ما بعد الثانوية (الخامسة)، وفي مرحلة متقدمة من البرنامج سيتم استخدام أدوات التقييم لأغراض مختلفة من أهمها الترقية والتدريب. إن العمل يتطلب عديدا من الأركان والصفات التي تحقق أهدافه وتنفذ مشاريعه وتوجهاته وينظر المختصون في هذا المجال إلى عديد من المتطلبات الأساسية للقائمين على تلك المؤسسات العاملة في مختلف القطاعات، سواء الحكومية أو الخاصة أو الأكاديمية وغيرها، والمتطلبات سواء كانت شخصية أو علمية أو عملية، ويكون الحرص والدقة في اختيار القيادات السياسية أو الفكرية أو التنفيذية وفقا لمعايير كثيرة، يأتي من أهمها: الكفاءة. الكفاءة عنصر ومعيار مهم لاختيار العامل المطلوب، خصوصا في السلم العملي الأعلى، لأن الكفاءة مطلب ضروري حتى تستطيع المؤسسة تحقيق الأهداف، والتوجهات المرسومة لها أو المطلوبة منها، ولهذا يقال إن الكفاءة أساس في حسن الاختيار. ومن الآثار الطيبة التي تعود على الكفء نفسه بذل جهده وطاقته في مصالح الناس لتمكينه من ذلك، وبذلك تستغل طاقات الأكفاء، فلا تبقى الكفاءات مجمدة مع حاجات المجتمع إليها. ولا بد من الحرص على اختيار الأكفاء، لصنع جيل جديد من القيادات الأكفاء الذين تنتفع الأمة بهم. خبير الشئون الإعلامية والعلاقات العامة