د. عبد الحفيظ خوجة * متلازمة «القلب المكسور» * من الخطأ أن نقلل من أهمية وخطورة الأزمات والصدمات النفسية التي قد نتعرض لها في حياتنا، فلقد أثبت كثير من الدراسات العلاقة بين التوتر الشديد severe stress وخطر الإصابة بالنوبات القلبية. إن التعرض للأزمات النفسية والعاطفية الشديدة كفقدان شخص عزيز وغال في حياتنا يرفع خطر الإصابة بالنوبات القلبية في اليوم التالي مباشرة بنسبة 21 مرة، وفي الأسبوع التالي بنسبة 6 مرات، ثم يبدأ في الانخفاض بعد الشهر الأول من التعرض لتلك الصدمة. فما السبب؟ العلماء يعزون ذلك إلى ارتفاع مستويات هرمونات الإجهاد ثم انخفاضها. إن الدراسات التي أجريت في هذا المجال ترجح أنها متصلة بتدفق كمية كبيرة من هرمونات الإجهاد والتوتر لحظة تعرض الجسم لضغط نفسي شديد. وعلى سبيل المثال، فإن الأدرينالين يزيد من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وإنه قد يؤدي إلى ضيق الشرايين التي تنقل الدم إلى القلب، أو حتى إنه ارتبط مباشرة بالتأثير على خلايا القلب نفسها لتسمح لكميات كبيرة من الكالسيوم بالدخول ومن ثم تجعل الخلايا غير قادرة على العمل بشكل صحيح، مؤقتا. ومن المثير للاهتمام، أن ارتفاع خطر الإصابة بالنوبات القلبية عقب التعرض لتوتر شديد، يرفع أيضا خطر الإصابة بما يعرف باسم «اعتلال عضلة القلب الإجهادي»، أو «متلازمة القلب المكسور»، الذي هو في الأساس نوبة قلبية «مؤقتة» تحدث بسبب الإجهاد والتوتر. ويفسر العلماء التعرض للتوتر الشديد بإطلاق أو تحرر هرمونات التوتر بكميات كبيرة إلى الدورة الدموية كـ«الصاعقة» أو «الصدمة» للقلب، مما يؤدي إلى ضعف عضلة القلب المفاجئ. وهذه الحالة يمكن أن تكون مهددة للحياة في بعض الأحيان، وتتطلب عناية طبية فورية، مع أنها غالبا ما تكون حالة مؤقتة لا تترك أي ضرر دائم. من جهة أخرى، عندما يكون الجسم تحت الاستجابة للضغط والتوتر النفسي، سواء الحاد منه أو المزمن، فإن مستويات كل من الكورتيزول والإنسولين ترتفع. هذان الهرمونان يميلان للعمل معا، فعندما يرفع مستوى الكورتيزول بشكل مستمر في إطار الاستجابة لتعرض الجسم للضغط والتوتر النفسي المزمن من المستوى المنخفض، فسوف يواجه الجسم صعوبة في فقدان الوزن الزائد أو حتى في بناء العضلات. وبالإضافة إلى ذلك، إذا ظل الكورتيزول مرتفعا بصورة مزمنة، فإن هذا الشخص سوف يميل إلى كسب الوزن الزائد في منطقة الخصر ووسط البطن، وهذه العوامل هي من العوامل الرئيسة التي تسهم في الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب ومتلازمة الأيض (التمثيل الغذائي). * ضرورة فحص هشاشة العظام * من الأخطاء الشائعة أن يطلب المريض من طبيبه عمل فحوص طبية معينة وبطريقة محددة لأن أحد أقربائه أو أهله عملها واستفاد منها. ومن الخطأ أيضا أن يستجيب الطبيب ويعمل ذلك الفحص ليرضي مريضه خاصة إذا لم تُستوفى دواعي عمل الفحص. ومثال ذلك فحص هشاشة العظام الذي يجرى لقياس كثافة العظام ويساعد في تحديد ما إذا كان عند الشخص هشاشة عظام أم لا. ويفضل بعض المرضى أن يجرى هذا الفحص على كعب القدمين بدلا من أسفل العمود الفقري أو الورك. بينما يكون الفحص بهذه الطريقة أقل دقة، حيث إنه لا يكشف عن كل جهاز الهيكل العظمي كما هي الحال مع عمل المسح للورك وأسفل العمود الفقري، وتظهر المشكلة عندما تكون النتيجة «طبيعية» وفي حقيقة الأمر هناك هشاشة عظام، فتعطي المريض شعورا زائفا بالأمان. وعليه، فإن عمل هذا الفحص وأي فحص آخر يستوجب قناعة الطبيب المعالج بحاجة المريض إلى عمله وأنه سوف يساعد في تأكيد التشخيص أو نفيه. ومن المهم ألا تكون هناك مبالغة في عمل فحص كثافة العظام في وقت مبكر من العمر ما لم يوجد داع طبي، ومن ذلك: * أن يكون الشخص متعاطيا للكحوليات بدرجة كبيرة. * أن يكون مدخنا نهما. * أن تكون لديه عوامل خطر أخرى لضعف العظام مثل وجود كسر من صدمة طفيفة مثلا. * أن يكون مصابا بالتهاب المفاصل الروماتويدي. * أن يكون نحيل الجسم منخفض الوزن. * أن يعاني من فرط نشاط الغدة الدرقية أو الغدة جار الدرقية. * عند استخدام طويل الأمد لأدوية مثل كورتيكوستيرويد. * أن يكون أحد الوالدين سبق أن أصيب بكسر في عظام الورك. * عند عدم وجود داع لعمل الفحص مبكر، يتم عمل الفحص عند النساء في سن 65 عاما، وعند الرجال في 70 عاما، لاستبعاد وجود مشكلات في كثافة العظام. * الاعتدال في استهلاك السكريات * من الأخطاء الشائعة أن أصبح استهلاك كثير من الناس السكريات في اليوم الواحد كبيرا، حيث قدر في بعض الدراسات أنه أكثر من 135 غراما في اليوم الواحد، بعد أن كان لا يتعدى 15 غراما من الفركتوز يوميا لدى المواطن الأميركي العادي في الماضي، مثلا. ومن الخطأ أيضا أن استهلاك السكريات في هذه الأيام يأتي من المشروبات المحلاة، بعد أن كان مصدره الرئيس الفواكه؛ إذ إن أي عبوة عادية من هذه المشروبات تحتوي على الأقل على ما يعادل 10 ملاعق من السكر، نصفها من سكر الفواكه (فركتوز). وتشير معظم الدراسات إلى أن تناول 15 غراما من الفركتوز في اليوم غير ضار؛ بل هو مفيد للبعض، بينما تناول ما يقرب من 10 أضعاف هذا المقدار يصبح سببا رئيسا من أسباب السمنة وجميع الأمراض التنكسية المزمنة تقريبا. وفي توصية قياسية، فإن أخصائيي طب الأسرة ينصحون بشدة بالآتي: * ألا يتجاوز مجموع استهلاك الشخص العادي من الفركتوز 25 غراما يوميا، أو 15 غراما في اليوم إذا كانت لديه مقاومة للإنسولين، أو يعاني من السمنة المفرطة، أو لديه ارتفاع في ضغط الدم، وارتفاع مستويات حمض اليوريك، أو مريضا بالسكري أو أمراض القلب. * استبعاد الأغذية المصنعة والمشروبات المحلاة من النظام الغذائي اليومي بما في ذلك منتجات الحليب ذات النكهة، وحتى الشاي المعبأ في الزجاجات، وأيا كانت المادة المستخدمة في التحلية، إنها خطوة مهمة في الوقاية من السمنة والمشكلات الصحية ذات الصلة بها مثل مرض السكري وأمراض القلب والكبد.. إلخ. إذن ما الذي يمكن شربه بأمان؟ إن أفضل خيار هو الماء العادي، ثم المياه المعدنية مع إضافة بضع قطرات من الليمون الطازج. استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة