تكاثر الجوائز العربية أمر جيد على العموم، وأهميتها الأكبر في نظري هي للقارئ نفسه. فالجوائز في العالم كله، إن خلصت لوجه الفن فقط، لا تقول سوى عبارة «هذا عمل جيد، اقرأوه»، فيذهب الناس لقراءة هذا العمل. وتنعكس أهميتها أيضا ًعلى سوق الكتاب والترويج لفن الرواية. وأحياناً قد تصيب لجنة تحكيم معينة، في زمن ومكان محددين، في اختيار عمل «جيد ومهم»، وفي أحيان أخرى، تختار «عملاً رديئاً» يسيء إليها ولفن الرواية! وقد تعترف لجان معينة بكتابات تجارية مسلية رائجة، لكنها لا تنتمي لفن الرواية. في كل الأحوال الجوائز الأدبية أنشطة ثقافية ضرورية وفعالة. وفي العمل الأدبي، القيمة دائماً نسبية. هي تتغيّر في تغيّر الزمان والمكان والمتلقين، ولا يبقى سوى النص الجيد، القادر جمالياً وفنياً وفكرياً على الصمود في وجه النسيان، وعلى تجديد حياته، ومخاطبة قرّاء جدد دائماً، ومع مرور الزمن ترسخ قيمته أكثر. أما أمر تطوير الرواية العربية فلا يحدث أو يتحقق بشيء سوى الروائي الذي يقود بنفسه حركة فن الرواية حيث شاء وكيفما يفعل، وكل ما هو خارج ذلك يبقى في إطار أنشطة ضرورية تُكرّس أهمية الرواية ودورها. وأنا لا أعتقد أن روائياً حقيقياً يستطيع أن يخون حريته وفنه بأن يفصّل عملاً على مقاس شخص أو هدف أو جائزة ما. إنه الزيف بعينه، والضلال بذاته. فمن يقدم تنازلات لأي مآرب غير فنية كاتب بائس تماماً. أما الروائي المبدع فسيكتب بحريته كاملة غير منقوصة، ولغرضه الفني والفكري والجمالي وحده، سواء تعرض لتابوات السياسة والجنس والدين أو تعرض لأحدها أو حتى تركها كلها، ولو أن هذا مستحيل في الفن كما هو مستحيل في الحياة نفسها.