غطي عيونك وتستري يا مَرَه».. عبارة تكاد تكون الأكثر تردد بشكل يومي على مسامع بائعات «البسطة» في سوق برزان النسائية في مدينة حائل، من بعض أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العاملين بهيئة برزان. وأبدى عدد من البائعات انزعاجهن مما أطلقن عليه «الملاحقة» اليومية من أعضاء تابعين لـ«هيئة برزان»، ممن يطالبونهن بـ«زجر» وشدة بتغطية عيونهن عن الزبائن الرجال، بحجة أن عيونهن تتسبب في «فتنة» زبائنهن الرجال. وكان مغردون أطلقوا أمس «وسماً» في موقع «تويتر» تحت مسمى (#هيئة_حائل _تغطي_عيون_سيدة_بساطة_بالقوة)، وتم تداوله على نطاقٍ واسع على خلفية انتشار مقطع فيديو لسيدة في العقد الخامس من العمر، وهي تبكي وتشتكي من تسلط عضو الهيئة مرددة: «والله لأرسلها للصحافة، والله إني لأوصلها للملك»، بعد إجبارها من عضو هيئة في حائل بتغطية عينيها، وهو ما آثار حفيظة عدد من المغردين. وتؤكد البائعة أم عبدالعزيز (46 عاماً) لـ«الحياة» أنها تعمل في السوق منذ أعوام عدة، وتقول: «الهيئة تركت نساء السوق كله ولم تجد إلا أنا لتجبرني على تغطية النقاب، على رغم أن لبسي محتشم»، لافتة إلى أن رجال الهيئة طلبوا سجانات من سجن حائل للقبض عليها بحجة رفضها تغطية نقابها. وتضيف: «حاولي توقيفي وإنزالي من مركبة ابني بالقوة بعد أن غادرت السوق كله وتركت بضاعتي في المبسط»، مشيرة إلى أنها تعاني من ضعف بالنظر، وهي ترتدي النقاب بسبب تقدمها بالعمر، فكيف يمكنها أن ترى وهي تغطي عيونها خلال الليل. وتبدي أم مشاري (43 عاماً) تذمرها من ملاحقة رجال الهيئة لها ولبقية البائعات في السوق وبشكل يومي، «بائعة البسطة في هذا السوق مسكينة لها الله، لا تعرف سوى لغة التهديد وعبارات الوعيد، أعضاء الهيئة يطالبونها بالتستر، وكأنها تلبس لبساً خادشاً للحياء أو تغطية عيونها، على رغم أن غالبية الزبائن من النساء»، مشيرة إلى أن ما يضاعف من حجم معاناتهن استمرار مضايقة مراقبي أمانة حائل وتهديدهم لهن بمصادرة بضائعهن، والانتقال لموقع بعيد وخال من الزبائن. وأبدت البائعة أم مالك (39 عاماً)، وهي أم لثلاثة أيتام، تعاطفها مع البائعة أم عبدالعزيز، مستغربة من تعامل أعضاء الهيئة معها بقسوة لا توصف، وتقول: «حقيقة لا أعرف لماذا هم ناقمون علينا، ودائماً غاضبون منا، هل يوجد نظام لديهم يرغم ويجبر البائعات المنقبات على تغطية أعينهن ولبس القفازات على الأيدي، خصوصاً إذا كانت العيون فاتنة والأيدي بيضاء» بحسب وصفهم، وتتابع حديثها: «هم لا يجدون إلا البائعات، على رغم وجود بعض المتسوقات يتجولن داخل السوق بلبس غير محتشم»، مطالبة المسؤولين عن جهاز الهيئة بـ«توعية بعض العاملين فيه أن الفقر والحاجة وقلة الحيلة أجبرتها على الخروج، والعمل وتحمل المشقة وبرودة الجو في سبيل تأمين لقمة العيش لأطفالها». وتؤكد أم أحمد (55 عاماً)، أنه على رغم كبر سنها لم تسلم من مضايقة بعض أعضاء الهيئة لها، خصوصاً خلال الفترة المسائية، إذ طالبوها ذات مرة بتجاهل الرد على الزبائن الرجال، والاكتفاء في البيع على النساء، على رغم أن من يشتري مني هم بمثابة أبنائي، لافتة إلى أنها تختص في بيع التوابل والبهارات والزعفران والهيل والقهوة. من جهتها، فضلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حائل التزام الصمت، ولم يصدر عنها أي تصريح بشأن حادثة بائعة البسطة المُسنة. وحاولت «الحياة» أخذ تعليق المتحدث الرسمي باسم الهيئة في حائل فهد العامر حول موضوع بائعة البسطة المُسنة، وتوجهت لمكتبه في فرع الرئاسة في حائل، لكن لم يتسن لقاؤه، كما تم إرسال رسائل نصية إلى هاتفه النقال مرات عدة، إلا أنه لم يجب.