عندما كتبت ذات مرة قريبة مقالا عنوانه «إجازة مفتوحة لسكان جدة» عطفا على حالة الارتباك في تنفيذ المشاريع والاختناق المروري في أكثر شوارعها مما يجعل الحركة فيها عذابا لا يطاق، لم أكن أعتقد أن بعض سكانها سوف يأخذون إجازة إجبارية مفاجئة، أو بالأصح إقامة جبرية في منازلهم. هذا ما حدث لسكان أحياء شرق جدة مؤخرا عندما فوجئوا بأنهم لا يستطيعون عبور الحد الفاصل بين أحيائهم وبقية المدينة بعد إغلاق جميع المنافذ ما عدا منفذا واحدا ليتحول الخط السريع من كبري الجامعة إلى كبري المطار إلى خط مشلول تماما، في غياب الجهات المسؤولة عن الإشراف والوقوف على هذه الحالة المزرية، ولولا تدخل أمير المنطقة ووقوفه على الوضع وتكليفه المسؤولين عن تلك الجهات بوضع حلول فورية لاستمروا في مكاتبهم يتابعون صراخ الناس في مواقع التواصل الاجتماعي وهم يوقعون المعاملات الروتينية في مكاتبهم. حالة غريبة بالفعل، غير مفهومة ولا مستساغة، عندما تعمل الإدارات بطريقة منفردة دون تنسيق أو خطة جماعية خصوصا عندما يتعلق الأمر بمشاريع ضخمة لها انعكاس على حياة سكان مدينة مكتظة بملايين البشر مرتبطين بأعمال ومدارس ومراجعات وأشغال لا حصر لها، ولديهم حالات طوارئ تختلف مسبباتها وأوقاتها وفي ظل عدم وجود المرافق الحيوية في بعض الأحياء. والمشكلة لا تتوقف على سكان الضفة الشرقية لجدة لكنها تشمل كل قادم إلى ذلك الخط من مكة أو ذاهب إليها، وكل القاصدين تلك الأحياء لوجود وظائفهم أو مدارس أبنائهم أو أشغالهم فيها، وبالتالي فإنها مشكلة عامة وليست محدودة. حسنا، يقال إن المتسبب في المشكلة الشركة التي تنفذ مشروع قطار الحرمين، ولكن هل هذه الشركة لديها الصلاحية بالتصرف في شرايين السير كما تشاء ودون التنسيق مع بقية الجهات أو الرجوع إلى إمارة المنطقة، إذا كان الأمر كذلك فهو خطأ كبير وإن لم يكن فهو خطأ أكبر، وفي الحالتين لا يمكن قبوله مهما كانت المبررات. لقد بدأت إدارات كالمرور والنقل والأمانة في تشغيل الأسطوانة المعتادة بإلقاء المسؤولية على بعضها، مما يؤكد أنها مستمرة في عدم الاستشعار الجيد لمسؤولياتها الحقيقية والتزاماتها الأساسية، وهو الأمر الذي قد يجعل الناس تتذمر من المشاريع الجديدة أكثر من سعادتهم بها.