سقطت الوجوه قبل أن تسقط الأقنعة، وتبين الضلال من النور، وثبت الله المؤمنون بالقول الصادق، وكل أمر لله سيبقى لله، لا يدخل فيه شبه مبتدع ولا يخرج منه مكر شيطان، وآيات الله في خلقه لا تحتاج لبيانات حزبية ولا اعتصامات ولا سجون ولا نفوذ سلطة ليستدل بها الإنسان على رضا الله أو غضبه.. فالإيمان مركب نجاة لا يتوقف عند محطات الهلاك، عبر مياه أبولهب ولم يتوقف في محطته، حاول مسيلمة تمزيق شراعه فجعل ذكره محطة لعنة إلى يوم الدين، وتواصلت محطات الخبث على طول التاريخ الإسلامي دون أن تستطيع منع مركب الإيمان من الوصول لأرض النجاة، واليوم أصبح في عالمنا الإسلامي ألف منبر ومنبر تدعو لاستغفال الدين باسم الدين. بعض دعاة الإسلام السياسي اليوم لا يختلفون عن دعوة مسيلمة الكذاب، فكلاهما يدعوان لدين الله من أجل معصية الله، فمسيلمة قال إما أن أكون الحق كله وإما الهلاك، وسخر من ثوابت الدين وألغاها، وكذلك يفعل دعاة السياسة باسم الدين، إما نحن في الحكم وإما لتفتح جهنم الأرض أبوابها، يدفعون اتباعهم للموت من أجل دستور وضعي يخدم مصالحهم، ويقسمون للحفاظ عليه، ويعقدون الصفقات المشبوهة مع عبدة النار والهيكل والإنسان، بحجة أن الدين صالح لكل زمان ومكان، ونسوا إنهم بعمل هذا يقولون إن الدين صالح للخيانة بكل زمان ومكان، عندما تعلن وتنشر وثائق معاهداتهم مع طهران وموسكو وتل أبيب سوف يلعنهم أهل الإيمان لعنة خالدة مثل لعنة مسيلمة الكذاب إلى يوم الدين. مركب النجاة اليوم تقوده هذه البلاد من أجل دين الله وعباد الله في كل مكان، فعندما تحالف على أهل مصر أتباع أكثر من دين وملة ومصلحة، ضربت بعصا الحق بحر تحالفاتهم، فكان بهذه الضربة تعديل لميزان الاستقرار والحياة والنجاة، وأربكت هذه الضربة حسابات كل مبعوث دولي جاء للقاهرة لينقذ حلفاء مؤامرته، ويستر خيوطها بخيوط واهية، فمصر ليست عجوزاً أرمله تنتظر صدقات المرابين بالإحسان، ولا معبداً لشيخ دجال يبيع دينه لعهر الدنيا، بل تاريخ كرامة لا يقبل إلا الكرامة.. فكان موقف عبدالله بن عبدالعزيز موقفاً يحسب لكرامة مصر، وليس موقفاً يتاجر بكرامة مصر، فهل رضيت أرض الكنانه بهذا الموقف ؟ الإجابة عند أبنائها.. في بلادنا لا توجد دعوة نبوءه جديدة، ولكن يوجد بها دعوة نبي خالدة، ويوجد بها شرع الله وسنة نبيه، فالدعوات التي تطلق ضدنا من أجل الشهادة في سبيل الديمقراطية ودعوة الإنسان لعبادة الإنسان، نحن نكفر بها ونرحب بعداوتها... ويصفنا البعض بالنفاق فنحن نرضى بهذا الوصف، ونقبل ان نكون منافقين في سبيل استقرارنا ووحدتنا وأمننا، ولكن لا نقبل بأن نكون منافقين ومخادعين لضرب سلامة مجتمعنا ولا كلاباً تأكل على موائد المتاجرين بالدين.