ربما تقف الكلمات على اليراع حائرة، تتلعثم العبارات فيصمت البيان، ويرتجف البنان، وينعقد من حزن اللسان، فجر حزين، حين يفيق الوطن على فقد ملكه المحبوب، كان النبأ فاجعة وعلى الرغم من عظم المصاب في وفاة رجل بمكانة الملك عبدالله؛ إلا أن عزاءنا فيه أن ما أسسه لنا من قيم ومنجزات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية باقية لا تموت، سيظل عبدالله حيا ما دمنا ماضين على الطريق الذي رسم لنا معالمه وبين لنا سبل استهجائه والسير عليه، سيظل عبدالله حيا تتوارث الأجيال منجزاته جيلا بعد جيل، سيظل ذلك الضمير الذي يعلم الجميع كيف يكون القائد قائدا لأمته نحو المستقبل ونحو الذي فيه عزها ورفعتها، لقد كان الملك عبدالله تاريخ أمة اجتمع فيه عقد واحد من الزمن، عبر بنا أهوال ما يدور حولنا حتى بلغ بنا شاطئ الأمان ثم سلم الراية لمن هو بعده مطمئنا إلى أن الطريق الذي سلكه سيكون طريقا يسلكه من هو بعده وأن الشعلة المضيئة باقية تنير لنا الطريق. ولأن المملكة دولة رائدة شامخة، ظل نظام البيعة في العهد السعودي بمختلف مراحله وعصوره، شاهدا من مشاهد تاريخ الجزيرة العربية في عصره الحديث، كما ظلت مراسيم البيعة والانتقال السلس للسلطة ومبايعة ولي العهد، أحد شواهد هذا العهد الذي لطالما تحدث عنه المؤرخون بشيء من البحث والتفصيل، إذ ظلت عمليات انتقال مهام الحكم وولاية الأمر في الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة متقاربة إلى حد كبير، كما كان ذلك منطبقا على ولاية العهد ونظام ومراسم المبايعة والبيعة، ويعد ذلك بتوفيق من الله - سبحانه وتعالى- انعكاسا للحالة الأمنية التي تعيشها وعاشتها كافة مناطق ومدن وقرى بلادنا طيلة هذه العهود المنصرمة. إننا ونحن نودع ملك الإنسانية بكل حب ووفاء نستشرف المستقبل مع قائد حكيم عرف بكل معاني العطاء وهو الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي يتولى مقاليد الحكم في وقت تمر فيه المنطقة بتحديات كبيرة وتحيط بالمملكة فتن من كافة الجوانب لكن رعاية الله وتوفيقه ثم وحدة الصف ووقفة الشعب خلف القيادة ستكون بإذن الله معينة لملكنا في قيادة البلاد بما يعود بالنفع على العباد. حفظ الله قيادتنا الرشيدة وجعل الوطن يرفل دوما في ثياب العزة والأمن والأمان.