×
محافظة المنطقة الشرقية

معرض السيارات السعودي الدولي 2014م بجدة يواصل فعالياته

صورة الخبر

ميزة البحث العلمي في قدرته على التحقق من الأفكار ومدى مصداقيتها أو مدى زيفها، وحينما كلفت بطرح بحث عن الشباب العربي وعلاقته بصناعة مستقبل الأمة العربية مسرحيا كانت فرصة سانحة بالفعل لاختبار مدى صحة ما يشاع عن الشباب العربي وما يتهمون به من اتهامات عديدة: كالكسل والإحباط والتفاهة وغيرها من الصفات التي أطلقها المجتمع جزافا.. هكذا، وبالفعل انطلقت في هذه الدراسة من رغبة الكشف عن الحقيقة عبر مجموعة من شباب المسرح العربي شمل الدّول التالية: (السعودية والكويت والمغرب وتونس ومصر والبحرين وعمان) وكانوا بمثابة العينة الخاضعة للبحث. طرحت على هؤلاء الشباب سؤالا يختبر موقفهم من أنفسهم ومن قدراتهم وإمكاناتهم ومدى ثقتهم في أنفسهم لصناعة مستقبل عربي في مجال المسرح، فصدمتني النتائج، على اعتبار أن السائد لدينا أن الشباب العربي محبط، خانع، بليد، يعيش بلا حماس ولا اصرار، بيد أن الشباب ينظرون إلى جيلهم العربي نظرة مغايرة، موجزها سوف تختصره الأسطر التالية. هذا الجيل الشاب وجدته يتحدث عن نفسه بحس يفيض فيه الاعتداد بالنفس، وتعلوه نبرة عالية جدا من القدرة على تغيير الواقع، واصلاح ما قصر الآخرون عن فعله، وبشعور مفرط في التحدي!، بل هو جيل قادر على تحديد نقاط قوته التي تميزه عن الأجيال السابقة، فينظر إلى ذاته بأنه الجيل المنفتح على التجارب العالمية ثقافيا ومسرحيا، والجيل الذي يمتلك قوة وسهولة التواصل فيما بينه البين، رغم بعد الأقطار العربية، ويبرر هذه القوة بامتلاكه وسائل التواصل الاجتماعي السريعة جدا التي لم تتوفر للأجيال السابقة، وهو يرى في الوقت نفسه أنه الجيل القادر على تحدي قلة الموارد المالية وما ينتج عنها من قصور، وفي مجال المسرح نظر هذا الجيل إلى نفسه بأنه الجيل الحريص على تلقي العلم، وبكونه الجيل الباحث دائما عن الخروج من اطر التقليدية إلى فضاءات الأشكال الجديدة. ما لفتنا بحق هو ما نتج عن اختبارنا لهؤلاء الشباب في مدى قدرتهم ووعيهم في محاربة أفكار التطرّف وتيارات الغلو والارهاب، ومواجهة تلك التحديات الكبيرة التي ظهرت في المجتمع العالمي عامة والعربي خاصة، فوجدناهم مدركين أنهم في "عصر منفلت" بحسب تعبير أحدهم، ومع هذا وقفنا على قوة الثقة والاصرار لدى الشباب العربي ورغبته الكبيرة في مواجهة هذا الفكر وأهله، وفي الوقت نفسه وجدناهم يطالبون بقوة بحق الاعتراف بقدراتهم وإمكاناتهم من الجهات الثقافية المعنية بهم كالوزارات مثلا، حيث عبروا عن استياء شبه كلي من عدم ثقة هذه المؤسسات بالشاب وقدراته وسعيها الدائم لإقصائه، علما بأنني أنقل هنا ماعبر عنه الشاب وليس موقفي الشخصي، ورغم هذا كله، فقد أفاض الشباب العربي الذين أدخلناهم في الدراسة بالتعبير عن ثقة لا تحدها حدود بجيلهم وقدرته على المواجهة وإحداث التغيير في شتى المجالات الحياتية وعلى رأسها المسرح. ونخرج من هذا كله أن المجتمع يضع تصوراته لفئات معينة ويحصرها في إطار قد لا يكون صحيحا مطلقا، كما في تجربتنا مع هؤلاء الشباب، الذين أبدوا وعيا كبيرا بما يجري حولهم من خطر، ووعيا بدورهم المسرحي في القضاء على هذه الأفكار الهدامة والتيارات الكارهة للحياة والفرح والسلام، وبالتالي أقول: إن الشباب المسرحي الذين أجرينا بهم هذه الدراسة صورة للشباب العربي عامة بحيث يمكن تعميم هذه النتائج على الشباب العربي في كل مجالات حياتنا.