متابعات(ضوء): نعاني في بعض علاقاتنا الاجتماعية من شيء من الجحود والتحجر ، وخاصة حينما يتعلق الأمر بوداع موظف انتهت فترة عمله في جهاز ما، اذ يتم انهاء العلاقة بطريقة جافة بل فضة في بعض الأحيان. الاستاذ عبدالله المديفر يتناول هذه القضية من زاوية خاصة من خلال مقال نشره في جريدة اليوم عنونه بتك حسن كراني .. مع أحلى الأماني/عبدالله المديفر مع أحلى الأماني كلمة كان يسمعها السعوديون طيلة تسعة وعشرين عاماً في نهاية كل نشرة جوية يقدمها الأستاذ حسن كراني عبر التلفزيون السعودي، وخلال مشاهدتي مقطعاً لمقابلة له مع الزميل محمد الخميسي في برنامج وينك؟ تألمت من الحديث الذي كان يصف به نهاية مشواره مع التلفزيون وحالة التهميش واللاتقدير التي كانت عنوان الفصل الأخير من مسلسل العطاء الطويل، وفي آخر حلقة استعد للخروج فيها على الهواء تقدم له المخرج المكلف للنشرة وأعلمه بأنه تم إيقاف النشرة الجوية وأنه لن يظهر على الشاشة مجدداً، وبعدها غادر - أخصائي إرصاد أول - حسن كراني المحطة للأبد دون أن يسمع كلمة شكراً وكان يقول في اللقاء : (خطاب شكر يكفي وسيكون له معنى كبير جداً) هذه حالة واحدة تصلح أن تكون مثالاً لآلاف الحالات التي فقدت الحاجة إلى التقدير ، فنحن مجتمع لا يلبي الحاجة للمكانة والتطلع للتقدير، والنظرية التي وضعها أبراهام ماسلو التي تصالح الناس على تسميتها بهرم ماسلو كانت تقول إن الحاجة للتقدير رابع حاجة يجب أن تشبع لدى الإنسان، بل يذهب ديل كارنيجي لأبعد من ذلك عندما يقول: (حاجة الإنسان للشعور بأهميته أعظم من حاجته للطعام والشراب) ، والشعور بالتهميش وعدم التقدير يترك إحباطاً كبيراً وآلاماً حادة في نفسياتنا، والفرس في إيران يرددون: (من فقد الاعتبار فهو نصف مشنوق) . أذكر أني كنت في مجلس الممثل الشعبي عبدالعزيز الهزاع ولفتت نظري صورة له تجمعه مع الملك عبدالله فسألته عن قصتها فقال لي: (في إحدى الحفلات مسك الملك عبدالله بيدي - وكان ولياً للعهد حينها - وقال لي : وش تطلب يا ابن هزاع؟ في إشارة لتفقده احتياجاتي المالية، وفوراً قلت له: أبي صورة معك يا طويل العمر وأنت ماسك يدي) فبادرته بسؤال: لماذا طلبت هذا الطلب تحديداً؟ فأجابني كنت أريد صورة تعكس تقدير الملك عبدالله لي. شدتني كثيراً جمعية تونسية اسمها: (الجمعية التونسية لمقاومة التهميش الاجتماعي والاقتصادي)، ولاحظ معي أن الاجتماعي أتى قبل الاقتصادي، فهذه الجمعية آمنت بأن التهميش مرض اجتماعي يجب مقاومته . إننا بحاجة ماسة لإشاعة ثقافة شكراً في مجتمعنا، وبث روح الاحتفاء بالمنجزات حتى لو كانت صغيرة، خاصة مع الناس الذين أفنوا أعمارهم في تقديم خدمة للبلد، وهذه الثقافة التي تقدر الآخرين تعزز من انتماء الأفراد لكياناتهم الكبيرة وتقويه، وفولتير كان يقول: (بحسن التقدير نجعل الآخرين من ممتلكاتنا الخاصة) . http://www.youtube.com/watch?v=XbFNNG-UTg8 حسن كراني.. قدم نشرات جوية للاستراليين ومزارع هدده لو خرج على الشاشة!! هل يوجد شخص في السعودية والعالم العربي يأتي اسمه كمرادف للطقس؟!.. لا يوجد أحد إلا القارئ الشهير لنشرة أخبار القناة السعودية الأولى الأستاذ حسن كراني.. منذ 18عاماً وكراني يفسر لنا سبب هبوب التيارات الباردة التي تثلج عظامنا ويتوقع ماذا سيحدث في الغد مما جعله محط اهتمام وحتى ربما غضب الكثيرين الذين يتوقون إلى ساعات من النسمات اللطيفة ولكن عشق كراني للطقس يختلف عن رغبات الكثيرين الوقتية المتعلقة بأهوائهم الخاصة ولكنه عشق قادته له أسئلة متواصلة حول أسباب تقلبات الجو واتساع خياله.. يقول: (كنت شغوفاً جداً بالأرصاد الجوية والخيال والنظريات العلمية.. كنت أتخيل نفسي دائماً في داخل الكتل الهوائية وأطبق على نفسي قوانين الهواء.. تخصصت في هذا المجال وأخذت الأول على الدفعة ولاحظ المسؤولون شغفي بالطقس وأرسلوني في دورات لتطوير قدراتي.. ما زلت أتابع الأرصاد بشكل مستمر وأتابع نشرات غالبية القنوات لأتابع الكتل الهوائية من هنا وهناك).. في العالم العربي يبدو قارئ نشرة أخبار القناة السعودية الأولى هو المتخصص فقط في تقديم النشرة ومع انتشار الفضائيات خفتت أهمية النشرات الجوية وأوكلت قراءتها للمذيعين المتدربين أو المتعاونين. يقول حسن كراني الذي قدم عندما كان شاباً نشرات جوية على التلفزيون الأسترالي: (النشرة السعودية اختيرت أفضل نشرة في التقديم والتوقعات والأداء من المنظمة العالمية والسبب لأن القائمين عليها متخصصون.. في الغرب يهتمون بالنشرة الجوية ولكن هذا لا يحدث في الفضائيات العربية التي أصبحت فقط عملية منظر.. يجب أن ترتبط الأرصاد باحساسك حتى تكون لك خصوصية على الشاشة وهذا ما لا يحدث في العالم العربي عندما يقرأون بسرعة الكلام المكتوب أمامهم بعكس قارئ نشرات القناة السعودية.. دعني أقول لك ان الأرصاد جزء من حياتي). يبدو كراني غير سعيد من بعض التعليقات الصحفية ومن الناس التي تتهكم على توقعاته في النشرة الجوية.. يقول: (ما يؤسف أن يأتي شخص أو إنسان عادي ويقول اننا لا نفقه شيئاً وأنا الذي خدمت في مجالي طويلاً ليجرح جهد أكثر من ثلاثين شخصاً يعملون في تخصص الأرصاد.. الله هو الذي يتحكم بكل شيء وأنا أحكم من خلال النظريات الموجودة لدي.. في إحدى المرات كان أحد المزارعين يريد أن ينشر حصاده فلم يستطع وفي أحد الأيام قالوا لي في الأرصاد يا حسن لا تطلع على الشاشة لأن هناك شخصاً يهددك ولا يريد ظهورك).. أما بالنسبة للنكات الظريفة التي يتناقلها الناس عن كراني وتقول بعضها أنه قام في إحدى المرات بتهريب أحد السحب إلى السودان.. يقول: (اقرأ التعليقات علي في الانترنت وأسمعها من الناس وهي تضحكني كثيراً.. ولكن ماذا ترد عليها؟!.. أنت تصبح محط تعليقات بسبب أمور فلكية لا لأحد قدرة على إحاطتها إلا خالقنا).