نيويورك: مينا العريبي طالب الرئيس اللبناني ميشال سليمان العالم بدعم بلاده سياسيا واقتصاديا وتنمويا، لتخطي أزمة يعيشها بسبب تداعيات الحرب في سوريا. وعبرت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة بشكل أوسع عن التزامها في لبنان، في اجتماع مطول في نيويورك مساء أول من أمس. وشارك وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية وعدد من الدول العربية والصديقة للبنان في أول اجتماع لـ«المجموعة الدولية لدعم لبنان»، والذي عقد في مقر الأمم المتحدة مساء أول من أمس برئاسة الأمين العام بان كي مون، وبمشاركة رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم الذي أبلغ الحضور بأن خسارة لبنان من جراء الأزمة السورية تصل إلى 7.5 مليار دولار، بالإضافة إلى الأعباء الأمنية والاجتماعية على البلاد. وقال سليمان في خطابه «اجتماعنا التأسيسي هذا رسالة دعم سياسي ومعنوي للبنان في هذه الفترة. هناك موقف موحد ولافت من مجلس الأمن لدعم لبنان». وأشار إلى «حرص دولي لتقديم دعم مالي للبنان للقوات المسلحة ومواجهة العبء المتزايد» عليها من جراء زعزعة الاستقرار في لبنان. وتحدث عن «أولويات لبنان وأبرز الاحتياجات والمطالب والخلاصات التي سيصدرها اجتماعنا، ولا بد من تشجيع الأطراف الداخلية والدول المؤثرة على إعلان بعبدا الذي يسعى إلى تجنيب لبنان تداعيات الأزمة». وأضاف «لقد أثبت الجيش اللبناني وحدته وتفانيه في مكافحة الإرهاب وحماية السلم الأهلي وتنفيذ قرار الأمم المتحدة». وشدد على أن الجيش اللبناني قادر على تحمل مسؤولياته، مضيفا «أنهى الجيش اللبناني دراسة استراتيجية تسمح بتسلمه مهام أكبر وأوسع». وعلى الرغم من أنه لفت إلى وضع لبنان «نظاما ماليا حماه من الأزمة المالية»، فإنه لفت إلى معاناة الاقتصاد بسبب الأزمة السورية، ثم جاء تدفق اللاجئين، مؤكدا «لبنان بحاجة ماسة إلى دعم». وحذر من «أزمة وجودية فعلا بسبب الاكتظاظ السكاني الهائل.. وباتت الميزانية العامة للدولة بحاجة إلى دفع مالي استثنائي لتغطية المتطلبات المالية». ولفت إلى أن «أعداد الوافدين اللاجئين إلى لبنان فاقت 25 في المائة من السكان.. وفاقت أي قدرة للاستيعاب، ولكن بقينا ملتزمين بعدم إغلاق الحدود». وأفاد تقرير البنك الدولي الذي صدر مساء أول من أمس بأن عدد اللاجئين السوريين في لبنان يقترب من مليون لاجئ، وتوقع وصول عدد اللاجئين السوريين إلى 1.6 مليون داخل لبنان بحلول عام 2014 إذا لم تتوقف الأزمة السورية، مما سيشكل 37 في المائة من تعداد سكان لبنان. وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم إن تكلفة الحرب على لبنان تقدر بـ7.5 مليار دولار بين عامي 2012 و2014، مضيفا أنها أسهمت في رفع البطالة في البلاد. وأضاف أن «كرم لبنان بإبقاء الحدود مفتوحة جاء بسعر باهظ»، من حيث التأثير على الأمن والاستقرار. وأشاد المفوض السامي للاجئين التابع للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس، في خطابه أمام الاجتماع، بدور لبنان قائلا «يجب تحمل العبء مع لبنان، وأدعو الدول الأخرى لاستضافة اللاجئين واستقبالهم في دول ثالثة». وفي خطابه أمام المجموعة، أشار جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، إلى الرئيس سليمان بأنه «صديقنا العزيز»، باديا مجددا الاهتمام الأميركي والدولي بدعم سليمان سياسيا في هذه المرحلة الحرجة في لبنان. وأضاف أن «الرئيس سليمان عمل جاهدا لنأي لبنان عن الحرب في سوريا، وهو جهد الجميع هنا يتفهمه ويدعمه، لكن على الرغم من هذه الجهود نحن قلقون من عدد الهجمات الإرهابية والحوادث الأمنية داخل لبنان، و(قلقون من) تدخل حزب الله الفج في النزاع السوري، والذي يتعارض مع التزامه بإعلان بعبدا». وتابع «مع الأسف، حزب الله يضع بوضوح مصالحه وآيديولوجيته وأهدافه الخارجية فوق مصلحة الشعب اللبناني وبدعم خارجي»، في إشارة غير مباشرة إلى إيران. ومن جهته، شرح وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ «اننا نشترك بمصلحة أساسية في دعم جهود الحكومة اللبنانية وشعبها من أجل حماية السلام المتعوب عليه في البلاد»، مضيفا أن «هدفنا ضمان ألا يصبح لبنان الضحية المقبلة للصراع في سوريا. من أجل ذلك لبنان بحاجة إلى ويستحق المساعدة الدولية». وتعهد بان كي مون بمساعدة لبنان خاصة «الدعم للبنى التحتية والدعم المالي بالإضافة إلى تقوية قدرات القوات المسلحة»، قائلا «نحن ملتزمون بإعطاء دعمنا الأقصى للبنان». ولفت إلى أن «إطلاق المجموعة الخاصة لدعم لبنان يعطي رسالة واضحة بأن العالم جاهز لدعم لبنان في هذه المرحلة العصيبة». وقد شارك في الاجتماع كاثرين أشتون المفوضة العليا للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، والأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، ووزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، مع رئيس البنك الدولي، والمفوض السامي للاجئين أنتونتو غوتيريس. وفي خطابه أمام الجمعية العامة، قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس شكره للجمعية العامة باعتراف الجمعية ببلاده كدولة مراقب. واعتبر عباس أن «التصويت الكاسح قال للشعب الفلسطيني إن العدل ممكن». وتحدث عباس مطولا في خطابه عن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين، قائلا إن «غاية السلام محددة: رفع الظلم التاريخي وغير المسبوق الذي لحق بالشعب الفلسطيني». وأضاف «هدف المفاوضات اتفاق سلام دائم يؤدي على الفور لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وعلى كامل أراضيها التي تم احتلالها عام 1967»، مؤكدا على حق اللاجئين الفلسطينيين. وتابع «نرفض الدخول في دوامة اتفاق مؤقت.. أو ترتيبات انتقالية». وأضاف «إننا باشرنا هذه المفاوضات ونخوضها بنوايا صادقة مخلصة وعقول منفتحة وإصرار على النجاح، وسنحترم جميع التزاماتنا للمناخ والبيئة المناسبة لتوفير ضمانات نجاحها، وللتوصل إلى اتفاق سلام خلال 9 أشهر»، وهو الموعد الذي تم الاتفاق عليه مع الأميركيين والإسرائيليين. وأجرى عباس لقاءات واسعة هذا الأسبوع لدفع جهود السلام، بما فيها لقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ولقاء مع المسؤولين العرب الموجودين في نيويورك. واجتمعت لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة مساء أمس في نيويورك للتأكيد على الدعم الدولي لفلسطين، وحضر الاجتماع وزراء خارجية الدول المعنية بالملف الفلسطيني، ومنهم رئيس الوزراء الفلسطيني رامي حمد الله، وأمين عام الأمم المتحدة، ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة، ووزيرا خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا كيري وهيغ، بالإضافة إلى توني بلير مبعوث الرباعية الدولية. وشدد كيري في كلمته أمام اللجنة على أن «حل الدولتين الحل الوحيد.. لا يوجد سلم بحل دولة واحدة مثلما يكتب البعض». وطالب كيري العالم بـ«المجازفة» لضمان السلام واتخاذ قرارات سياسية شجاعة بعد أن «جازف» على حد تعبيره عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقبول بدخول مفاوضات السلام. وأضاف كيري أن الرئيس عباس «أيقن أن التوصل إلى حل يعني التفاوض مع إسرائيل، وقاوم البعض الذي أراد الذهاب إلى مجلس الأمن». وتابع «علينا نحن أن نقوم بالتزاماتنا على الصعيد الاقتصادي لتنجح هذه العملية.. لنبرهن للعالم ما يمكن تحقيقه إذا توصلنا إلى السلام». وكرر كيري أن «الفشل ليس خيارا، إذا فشلنا كلنا، ماذا يأتي بعد ذلك؟ ماذا سيملأ الفراغ في منطقة تشهد الكثير من المشاكل؟»، مضيفا «لنتخيل ما يمكن تحقيقه في حال حققنا خرقا، تغيير الديناميكية». وأكد كيري أن تفاصيل المفاوضات سرية كليا، قائلا «أنا الوحيد المخول بالحديث عن المفاوضات، التسريبات التي تقرأونها مغلوطة بنسبة 75 في المائة». وأضاف «نحن نعلم ما هو الإطار العام. المشكلة الوصول إلى الهدف، ولذلك المفاوضات سرية وخاصة، كي نعمل بين أطراف ملتزمة بهذه الجهود للتوصل إلى طريق إلى الأمام». وقد جرت 7 مفاوضات مباشرة ثنائية حضر مسؤولون أميركيون عددا منهم. وأطلع كيري وفريقه شركاءهم عن تطورات المفاوضات. وقال كيري «اتفقنا الأسبوع الماضي على تكثيف المحادثات وأنه يجب تكثيف المشاركة الأميركية لدفعها». وهناك مساران، مسار التفاوض على مستوى المفاوضين والمسار الثاني بين عباس ونتنياهو وكيري وأوباما. وقال أوباما إنه سيتم تحريك المسار الثاني قريبا. وعلى الرغم من الانشغال العربي والدولي بالملف السوري والمساعي إلى التوصل لقرار في مجلس الأمن حول سوريا، أخذت قضايا عربية أخرى مثل التطورات في ليبيا وعملية السلام واستقرار لبنان واليمن حيزها من الاهتمام الدولي في أعمال الجمعية العامة خلال الأسبوع الماضي. وعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعات موسعة في نيويورك، آخرها ظهر أمس في المنتدى الاستراتيجي.