لا يحدثنا تأريخ مصر أن المدارس والجامعات أغلقت أبوابها إلا في ما ندر وفي أضيق نطاق كإعلان حالة الحرب أو مواجهة عدوان خارجي. لأول مرة في تاريخ مصر يمر عليها يوم كيوم الأحد الماضي عندما حدث ما يشبه الولادة القيصرية للعام الدراسي الجديد، مع استمرار تأجيله في شمال سيناء ومنطقة كرداسة التي شهدت أحداث عنف شديد استدعت تمركز قوات الأمن لتمشيطها .. إنها فضيحة حضارية وتأريخية ارتبكها الإخوان المسلمون في حق وطن عريق يدعون الانتماء إليه وهم يحاربون كل مكوناته الحضارية والمعرفية والثقافية والعلمية في سبيل أوهام وأحلام أصبحت في حكم المستحيل بعد أن وأدها الشعب المصري في 30 يونيو الماضي. دعوة همجية بكل المعايير تلك التي أطلقها كوادر الإخوان لتعطيل الحياة في اليوم الدراسي الأول وإرباك انتظامه في بعض الجامعات بافتعال أحداث شغب وفوضى واستفزاز لأجهزة التعليم والأمن، لكن لأنها هجمية وبدائية لم يتضامن معها سوى من صادر الإخوان عقولهم، أما الغالبية العظمى للشعب المصري فقد وقفت ضد تلك الردة الإنسانية الإخوانية ومنعت الاعتداء على قدسية العلم ومرافقه .. لقد كان مشهدا بائسا ذلك الذي حدث في جامعة القاهرة بتحويل ساحاتها العريقة إلى بؤر للتجهيل والشغب وتعطيل العلم، وأكثر بؤسا منه مشهد الاعتداء على مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة في كلية دار العلوم من قبل شباب الإخوان الذين لم يتعلموا غير سوء الخلق والاستهتار والفوضى. وإذا كان الإسلام دين العلم والمعرفة والأخلاق فأي إسلام يدعيه من يعطل طالب العلم ويحول بينه وبين مناهل المعرفة، وإذا كانت الرسالة المحمدية جاءت كي تتمم مكارم الأخلاق فكيف لمن يدعي أنه وحده الذي يعرفها جيدا أن يسقط الأدب في التعامل مع المجتمع والاحترام لكبار السن وذوي المكانة العلمية والاجتماعية .. خلال عام واحد فقط مارس تنظيم الإخوان تدميرا منهجيا لكل مقومات مصر الحضارية، وأخطر ما حاولوا تنفيذه مصادرة مرافق التعليم ومناهجه لصالح فكرهم الفاسد، وها هو يوم الأحد الماضي يشكل وصمة عار جديدة في تأريخ جماعة لا تتورع عن اقتراف المزيد من الأوزار في حق الدين والإنسانية والأوطان .. habutalib@hotmail.com