×
محافظة المنطقة الشرقية

عبدالله بن مساعد يعتمد برامج وميزانيات الاتحادات الرياضية

صورة الخبر

المشهد الإقليمي مُربك، ومُحيّر، قراءة الأحداث تبدو مستعصية، وفهمها يبدو عصيًّا، اليقين غائب لدى مَن يتداولون المعلومات، والثقة مفقودة فيمن يروّجونها، تبعًا لخلفياتهم العقائدية، والسياسية، والطائفية، والمذهبية. هذا الارتباك وتلك الحيرة هما عنوان المشهد الإقليمي، فالذين يُحلِّلون تطورات الأوضاع في اليمن يظنون أنها مجرد خلفية صاخبة لإلهاء المستهدفين بأحداث داعش في سوريا والعراق، وبعض مَن يُحلِّلون الحرب على داعش يظنون أنها مجرد خلفية صاخبة يجري خلف صخبها تغيير الواقع الإقليمي في المنطقة من اليمن ذاته، وكلا الظنين له وجاهته، وله في إستراتيجيات القوى العظمى والقوى الإقليمية الكبرى ما قد يدعمه. لدينا بالمنطقة الآن ثلاثة محاور للصراع -ليست إسرائيل بينها- هناك محور الصراع بين جماعة الإخوان التي تستهدف قيم وأدوات الدولة الوطنية في أكثر دول المنطقة، وهو محور تدعمه قوى إقليمية ودولية، كل بحسب دوافعه، وهناك محور الصراع بين الماضي السحيق (داعش) وبين المستقبل الغامض (الدولة الوطنية) وهو محور تتداخل فيه وتتقاطع مصالح الغرب المستهدف من خلافة البغدادي، والشرق المهدد بسيوف الخليفة القادم من خلفيات فكرية ملتبسة ومستترة وراء مفاهيم تبرّأت منها كل الأديان، وهناك محور الصراع السني - الشيعي، والذي دخل طورًا جديدًا، بزحف طهران (الفرس) على سوريا ولبنان والعراق، وأخيرًا اليمن، فيما يعلن أحد قيادي الحرس الثوري الإيراني قبل ساعات أن بلاده باتت تسيطر على الخليج (العربي) وعلى مضيق هرمز، وعلى بحر العرب، أمّا ما لم يقله فهو أن الزحف الإيراني يقترب أيضًا من مضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر. مستوى الالتباس في المشهد الإقليمي يفتح الباب على مصراعيه، للظنون والهواجس، ويسبغ وجاهة واحترامًا على نظريات عديدة للمؤامرة لا يملك مَن يطرحونها دليلاً دامغًا على صحتها، ولا يملك مَن ينكرونها دليلاً قاطعًا على إنكارها، وهكذا باتت المنطقة تنام في أحضان الهواجس، وتصحو على كوابيس المؤامرات. وسط أجواء كهذه، تسهل الوقيعة على مَن يرومونها، وتمر الدسيسة كما يمر السكين في الزبد، وعندما تتزامن تلك الأجواء مع تغيير في مواقع السلطة، كما حدث في المملكة نتيجة انتقال الحُكم إلى خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عقب رحيل الملك عبدالله -يرحمه الله- فإن الحديث عن تغيير في الإستراتيجيات السعودية تجاه الإقليم، وتجاه مصر بالذات، قد يجد من يعطيه أُذنًا صاغية، فيما تحدَّثت أقلام مصرية عن تراجع مستوى الالتزام السعودي تجاه دعم القاهرة، بينما نصحت بعض الأقلام السعودية مصر بالسعي إلى مصالحة في ليبيا لن تمر إلاّ عبر مصالحة مع الإخوان في مصر، بدعوى إشفاقها على مصر من خوض حرب مفتوحة ضد داعش في ليبيا قد تُكلِّفها الكثير، هؤلاء وأولئك، من سعوا للوقيعة بين سعودية سلمان، وبين مصر السيسي، ومَن سعوا لترويج تصوّر "إخواني" بالأساس، يهدف إلى إعادة الإخوان إلى المشهد السياسي المصري، ومنه إلى سائر دول الإقليم، لا يعرفون السعودية، ولا يعرفون مصر، ولا ينتمون بالفكر، أو حتى بالدم لهذا الإقليم الواقع في قلب العالم. فعلاقات السعودية بمصر أحد أبرز ثوابت السياسة السعودية التي لا تحتمل التغيير أو التبديل، ليس اتّباعًا لعواطف قد تتقلّب، ولكن التزامًا بمصالح إستراتيجية تحمل أبعادًا وجودية للسعودية والخليج ولمصر ولسائر دول الإقليم، والسعودية دولة مؤسسات، تجتاز عملية صنع القرار فيها، مراحل عدة لا تغفل المعلومات، ولا تهمل الحسابات، ولا تخضع للعواطف والمشاعر، وإنما تنطلق من رؤية استطاعت عبر عهود كثيرة أن تحافظ على بوصلة السياسة، وأن تضبط وجهتها بعيدًا عن العواطف والأمزجة. moneammostafa@gmail.com