×
محافظة المنطقة الشرقية

روحانيات ترفرف على مراسم غسيل الكعبة المشرفة

صورة الخبر

لكل عام زوابعه وفتنه وضحاياه وأبطاله ومظلوموه. دور الإنسان فيه متبدل حتى يقع ضحية لإحدى زوابعه وكذلك المجتمع الذي يعيش فيه. الزوابع تتكرر وتقوى أحيانا لتحرك مجتمعات مختلفه وتألبها على بعضها البعض أو تزيدها قرباً وانسجاماً. من يحركها ومن يؤجج نيرانها؟ سؤال تتداعى معه سنن الله في خلقه، ونظريات المؤامرة المتوجسة وغيرها من الأسباب المتبدلة التي تجعل من الصديق خصماً ومن الحبيب نداً ومن القزم عملاقاً وأحياناً من الكاذب صادقاً!؟ الإنسان يحكم نفسه بنفسه ويسيرها حسب اعتقاده لأن ناصيته بيده. فيختار لنفسه دوراً جديداً في كل زوبعة أو ينأى بنفسه عنها بعيداً حتى يجد زوبعة تلائم هوى نفسه وتقنعه ليدخل به ويجربها. حب الإنسان للزوابع وشغفه بها يكاد ان يكون غريزة متأصلة فيه بما تحمله أحداثها في قلبه ووجدانه من أثر. ليبدأ الدور الذي اختاره في الزوبعة الجديدة حتى لو كان متناقضاً مع دور سابق في زوبعة أخرى. ومثلما يختار الممثلون أدوارهم الهزلية أو الجادة في المسرح أو السينما أو التلفزيون، يختار الإنسان وبحسب حجمه له دور في الزوبعة التي يشتهي الدخول في خضمها والصراع مع من فيها على دور البطولة لتحقيق النصر. زوابع التعصب الرياضي إحداها وأكثرها بريقاً وشعبية وسخرية، وزوابع التعصب الديني أكثرها ألماً ودموية، وزوابع التعصب القبلي أشدها خفاء وقلقاً، وتظل الزوابع السياسية الأكثر دموية وعصراً في المجتمعات خصوصاً عندما تكبر لتكتنف زوابع أخرى شبيهة بما سبق تأججها وتزيدها بقاء وفتكاً. المجتمعات الخليجية والعربية الأكثر عرضة وتأثراً بهذه الزوابع وحباً وشغفاً بها، هي التي تعاني من ويلاتها بما تجتره من رواسب سابقة وبما تسعى له من إثارة ومجد مزعوم في ثناياها. لايمكن لأي إنسان عاقل وحكيم أن يميز حقيقتها ليميز خطرها وضررها وهو حاضر داخلها. البقاء خارجها هو الكاشف الأكبر لحقيقتها، بداية من برعمها وانتهاء بشجرتها. ولو أدرك المجتمع برمته حقيقة ما تستهلكه هذه الزوابع المتتابعة من طاقاته ومبادئه وقيمه وما تجره إليه من خسائر في الأرواح والقيم الأخلاقية لابتعد عنها وفر منها. لكنها غريزته التواقة لخوض غمارها هي التي تدفعه للوقوع فيها والاستسلام لمغريات تداعياتها القريبة أو المتباعدة. مادام لديه جلد لمعاركة همومها ومخاطرها. ونحن تحديداً شغوفون بها وهو ولع له مخاطره مالم يع المجتمع حقيقة ما يمكن أن تفعله فيه هذه الزوابع من فرقة وكراهية وتباعد ووقوع في الخطر وبداية لأمر قد تصعب نهايته.