عبده خال تؤكد وزارة الداخلية أن خدمة البلاغات ذات العلاقة بنظام الجرائم المعلوماتية متوفرة ضمن الخدمات الإلكترونية التي يقدمها الأمن العام على بوابة وزارة الداخلية، وهي خدمة معمول بها منذ زمن، وهي ليست خدمة مستحدثة. وما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي من اختراق للياقة الأدبية يجب النظر إليه من زوايا عديدة قبل البحث عن الجهة الرادعة، فإن كان قرار الردع متوفرا مع كل ما حدث من سلوكيات أخلاقية، فهذا يعني أن من قام بتلك الاختراقات لا يعنيه الردع، حيث يرى أن ما يقوله ليس به ما يستوجب العقوبة.. أي أن السلوك العام هو المعتل، ويرى أن علته هي دليل صحة. فمواقع التواصل الاجتماعي هي جامعة لكل شرائح المجتمع، وهي شرائح لا يمكن تصنيفها تصنيفا علميا؛ بسبب غياب المعلومة الواضحة عن المشاركين في تلك المواقع، وبالتالي يمكن القول إن ما يحدث بها من قول وتعد أخلاقي هو تمثيل حقيقي لثقافة المجتمع. وهي ثقافة متباينة تظهر عدة سمات أساسية، قد يكون في مقدمتها الضيق والتبرم والإقصاء، وهي صفات طاردة باحثة عن الفرقة، أي أن المجتمع يتشظى من غير أن يسعى إلى بناء لحمته بالمختلفين، وهي صفة غير قابلة للترويض من خلال سن عقوبة، فالعقوبة يمكن لها أن تحجب الألفاظ المسيئة، لكن لا يمكن لها أن تعالج ضيق الصدر بالآخر. أي أن صدور العقوبة إن كانت باحثة لخلق لحمة وطنية فلن يجدي تطبيقها، وإن كانت باحثة إلى تذهيب السلوك فهي بحاجة إلى تعزيز ثقافة الحوار قبل أن توجد. ومشكلة القذف أو التعدي بالألفاظ الجارحة مشكلة ثقافة في المقام الأول لم تعزز فكرة الاختلاف، وهي مشكلة ناتجة عن مكنة ضخمة تنتج ثقافة الكراهية، وكان من الأولى تعطيل تلك المكنة قبل البحث عن العقوبة. فلو أدركنا أن أفراد المجتمع المشاركين في هذه المواقع هم فاقدون للياقة الأدبية (ولنقل معظمهم)، فهل تنفع العقوبة كتطهير أو كتقويم للمجتمع، أم أنها عقوبة للحجب، وهناك فرق كبير بين التطهير والحجب. إذ تستطيع أن تحجب وتعاقب، إلا أن كثافة العدد تجعل الأمر يبدو في اعتلال الخلق والسلوك، وهو أمر له مدلولات خطيرة كان من المفترض أن تستنهض كل المؤسسات الحكومية لكي تتعاضد وتتشارك في إعادة تهذيب السلوك العام.. فالمجتمعات عندما تنهار من خلال ألفاظها هذا يعطينا ملمحا أن انهيارات أخلاقية عديدة قد سبقتها في الانهيار.. فما هو الحل إن لم يكن واجبا إعادة صياغة جديدة لأخلاقنا ومفاهيمنا.