تعيش المملكة مآسي كبرى نتيجة حوادث السيارات. هناك حالة وفاة كل ساعة تقريبا في المملكة. تتجاوز الإصابات الخطيرة حاجز 45 ألف كل عام. كل هذا يؤكد خطورة الوضع، فالحوادث أكبر مسبب للوفيات في المملكة، مع أنها ليست من الخمسة الأولى في أغلب دول العالم. استمر عجز الجهات المسؤولة عن التوعية والتربية في التخلص من هذا القاتل الخطير، إذ تبقى نسبة الوفيات والإصابات في الشباب دون الخامسة والعشرين أعلى النسب في الفئات العمرية، وأعلى من مثيلاتها في دول العالم. الوفيات في هذه الفئات في ارتفاع مستمر نتيجة استمرار التساهل في قيادة صغار السن للسيارات، وانخفاض الوعي لدى هذه الفئات العمرية. الإحصائية الأكثر إثارة للجدل هي الإحصائية التي ربطت بين "ساهر" والحوادث. إذ لم يحقق "ساهر" المأمول منه في خفض عدد الحوادث في البلاد، بل ارتفعت نسبة الحوادث 24 في المائة عن حالها قبل "ساهر" حسب إحصائيات عام 2012. فلا بد من قراءة فاحصة لحال "ساهر" ومآله. يجب أن نقف وقفة مسؤولة أمام هذه الإحصائيات، ما يحدث يدل بوضوح على أن هناك خللا بنيويا في تطبيق الأنظمة المرورية في المملكة. أنظمة عالمية، يطبقها جميع المواطنين عندما يغادرون المملكة إلى دول مجاورة، مُنتهَكَةٌ بشكل صارخ عندنا. يندر أن تسمع عن حادث مروري طرفه سعودي في الدول المجاورة التي يكثر وجود المواطنين فيها. يدل هذا بوضوح على أن هناك إشكالية حقيقية في تطبيق الأنظمة والتعامل مع المخالفين وهي حالة يلاحظها أغلب من يوقفهم المرور، وهم قلة أصلا. بل إن المرور كما يبدو ترك مهمته الأساسية واتكل على "ساهر" و"نجم" ليقوما بعمله. هذا يطرح تساؤلا مهما، وهو هل نحتاج إلى إدارة مرور تصدر الرخص وتجدّد الاستمارات أم يمكن أن نحولها إلى "مصدر؟". الأكيد هو أنه يمكن أداء العمل بطريقة أفضل مما هو حاصل لو تم تخصيص العملية بتكليف شركة تتولى كل العمليات المرورية. خصوصا أننا نلاحظ محاربة شديدة لكل التقنيات التي يحاول "ساهر" أن يحارب بها الإهمال وعدم الانضباط، خصوصا المقاطع التي تبدأ بـ "انتبهوا يا شباب"، وكأنها تحذّر من خطر، بينما هي الخطر بعينه.