يُعدُّ الأنف أهم الأعضاء تحديدًا لملامح الوجه، وبما أنه العضو الأبرز بالوجه فإنّ أيّ تغيّر مهما كان طفيفًا في شكل وحجم الأنف يُؤدِّي إلى إحداث تأثير كبير في مظهر الإِنسان. وتعتبر عملية تجميل الانف اقدم عمليات التجميل على الاطلاق حيث ورد الحديث عن اصلاح الانف المكسور في الكتب الطبية المصرية القديمة منذ 3000 عام قبل الميلاد. ثم برع الهنود بعد ذلك -منذ 800 عام قبل الميلاد- في عمليات ترميم الانف حيث كان استئصال (جدع) الانف يتم في ذلك الوقت لاسباب دينية او كنوع من العقوبات العسكرية. ولا زالت عمليات تجميل الانف بحسب الاحصاءات في وقتنا الحاضر تتقاسم المركز الاول مع عمليات شفط الدهون كأكثر عمليات التجميل شيوعا على المستوى العالمي. وكشأن معظم عمليات التجميل الاخرى ومع مرور الزمن توسعت الاسباب لهذه العمليات من هدفها الرئيسي في اصلاح العيوب الى تغيير بالشكل حتى عند عدم الضرورة ولاسباب غير مبررة وغير منطقية احيانا!!. يعود السبب وراء ذلك لعدة اسباب منها على سبيل المثال اعتقاد بعض الشعوب ان شكل الأنف يلعب دورا كبيرا في تحديد حياة وشخصية الإنسان فمثلا يعتقد الصينيون أن السعادة الزوجية ترتبط بنسبة كبيرة بشكل الأنف!. ووصف كثير من الفلاسفة ما أسموه بالأنف المثالي وربطوا بينه وبين الشخصية القوية النشطة ذات الطبيعة العاطفية والذي يستطيع صاحبه أداء كثير من الأعمال بنجاح. تجدر الاشارة الى وجود دراسات تربط بين تغير شكل الوجه والأنف وتحسن الحالة النفسية لدى المريض وزيادة الثقة بالنفس. أما في المجتمعات العربية فأكثر من 90% من عمليات الوجه تتركز في تجميل الأنف حيث يتميز الأنف العربي بحجمه الضخم نسبياً طولاً وعرضاً وكذلك بسماكة الجلد الذي يكونه وبخشونته، لذلك يسعى الكثير من السيدات وكذلك نسبة كبيرة من الرجال في المجتمع العربي إلى تجميل الأنف وتعديله وإعادته إلى شكله الطبيعي. تتم عملية تجميل الأنف لوجود صعوبة في التنفس عن طريق الأنف (تجميل الأنف الوظيفي) أو لتحسين مظهر الأنف الخارجي (تجميل الأنف الشكلي). تجرى عملية تجميل الأنف الوظيفية لعدة اسباب منها انحراف الحاجز الانفي الفاصل بين فتحتي الانف والذي يصاحبه غالبا تضخم في بعض انسجة الانف الداخلية او تشوهات في غضاريف الانف تؤدي لانسداد الانف، او بسبب اصابات او عمليات سابقة للانف كان التعامل فيها مبالغا فيه مع عظام وغضاريف الانف ادى مع مرور الوقت الى صعوبة في التنفس عن طريق الانف او الى آلام بالوجه وصداع او التهابات متكررة بالجيوب الانفية او الاذن. في هذه العملية يتم التركيز على عدة مناطق بالأنف منها فتحات الأنف وتسمى الصمام الخارجي، الجزء الأوسط من الأنف ويسمى الحاجز الأنفي، الأنسجة على جانبي الأنف من الداخل وتسمى القرينات الأنفية، وغضاريف وسط الأنف حيث صمام الأنف الداخلي. كما يفضل في جميع الحالات فحص الانف بالمنظار لتقييم الجيوب الأنفية والجزء الخلفي من الأنف بالاضافة الى البلعوم الأنفي للتأكد من عدم وجود لحميات متضخمة او أورام خصوصا عند وجود شكوى من صعوبة في التنفس. كل ما ذكر أعلاه قد يساهم في وجود صعوبة في التنفس عن طريق الأنف قد تستدعي التدخل لعلاجه أثناء العملية للحصول على أفضل النتائج الممكنة. من الأمثلة على ذلك عملية تعديل الحاجز الأنفي أو تصغير حجم القرينات بطرق مختلفة أو عمليات توسعة مجرى الهواء على مستوى عظام أو غضاريف الأنف. عند إجراء عمليات الأنف لأهداف تحسين الشكل فقط تجب المحافظة على الوظيفة في نفس الوقت؛ فمن غير المقبول الحصول على أنف جميل المظهر مع عدم القدرة على التنفس من خلاله. فالتغيير الخارجي لشكل الأنف يجب أن يكون في أجمل حالاته الممكنة دون الإخلال بالوظائف الطبيعية للأنف. قد يحتاج جراح تجميل وترميم الوجه والأنف في حالات معينة منها عمليات تجميل الانف المعادة إلى تدعيم أو إعادة بناء هيكل الأنف، ويتم أخذ هذه الدعامة من نفس المريض إما من الحاجز الأنفي أو غضروف الأذن أو أحد الأضلاع، تتم مناقشة ايجابيات وسلبيات وأي مضاعفات محتملة مع المريض قبل العملية لاختيار الأنسب. تعتبر عمليات تجميل وترميم الانف من أكثر االعمليات التي تتطلب خبرات جراحية خاصة، حيث انها تتطلب مهارة فائقة وإلماما علميا كبيرا وبرغم كل ذلك تبقى نتائجها غير مضمونة دائما ولا تخلو من المخاطر. لقد ساهمت التقنيات الحديثة في الاستغناء عن وضع أي حشوات داخل الأنف. وهو ما يجعل مرحلة ما بعد العمليَّة أسهل بكثير بالمقارنة مع الطرق الجراحيَّة القديمة التي تتطلب وضع هذه الحشوات كما ظهرت تقنيات طبية متقدمة في مجال تعديل وبناء الأنف من خلال إجراء عمليات الأنف وتعديله بشكل طفيف وتحت التخدير الموضعي سواء جراحيا او من خلال حقن مواد التعبئة او البوتوكس. ختاما عند الحاجة لاجراء عملية تجميل الأنف فانه على المرء ان يعي ان تجميل الأنف سيحسن شكله ويزيد الثقة بالنفس، ولكنه قد لا يغيّر نظرة الناس الى الشخص أو سلوكهم نحوه. وبالتالي، فأفضل المرشحين للجراحة هم الاشخاص الواعون لنقصهم والواقعيون في تقويم النتيجة المرجوة، كما هو الحال دائما، على الطبيب الجلوس مع المريض قبل إجراء العملية ومعرفة توقعاته من العملية -والتي قد تكون غير ممكنة- وإطلاعه على النتائج المتوقعة- والتي قد تكون اقل من مستوى طموحاته- وشرح كافة المخاطر الممكنة علما بأنه هنالك ما يقارب 10% من الاشخاص تكون النتائج لديهم غير مرضية ويحتاجون الى اعادة العملية. والخصائص العرقية للانف العربي على وجه الخصوص تزيد صعوبة الجراحة وتتطلب خبرة خاصة وطويلة من الجراح. وقد يكون من الصعب احياناً تلبية تمنيات بعض المرضى بالحصول على أنف نحيف جداً وهذا ما يجب ان يكون موضوع مناقشة واقناع اثناء المعاينة الاولى، وان لا يغذي الجراح لدى المريض اوهاماً فالصراحة اساس الثقة، فاطلبوها من طبيبكم. * استشاري الأنف والأذن والحنجرة وتجميل الوجه رئيس قسم الأنف والأذن والحنجرة - كلية الطب- جامعة الملك سعود