حين بدأت "داعش" مشروعها الإجرامي كانت تدرك أهمية إيصال الرسائل الإعلامية إلى أعدائها وأصدقائها على حد سواء، ومع ذلك لم تكن بحاجة لإنشاء محطة تلفزيون، أو صحيفة باسمها، فكل هذه متوفرة في فضاء الإنترنت، وهذه إحدى الآثار الجانبية للثورة التكنولوجية الهائلة التي نعيشها اليوم. بإمكان أي فرد أو عصابة أن تخبر من تشاء بما تشاء وقتما تشاء، ومن هنا أصبح تطبيق "اليوتيوب" هو محطة تلفزيون داعش الرسمية، ولكن الإعلام ليس مجرد منصّة ترسل منها، هو في المقام الأول "مضمون" قد يكون نكالا على المرسل، وهذا ما حدث مع "داعش"، بث عمليات القتل الوحشية المصحوبة بتكبير الله - سبحانه تعالى -.. وضعوها يريدون أن يرهبوا بها أعداءهم، ولكن لو كان معهم رجل واحد يحمل ذرة عقل لقال لهم إن هذه الفيديوهات ستأتي لا محالة بنتائج عكسية وستحشد الدنيا ضد هذا التنظيم. فالقتل الوحشي ضد الفطرة الإنسانية، ويجب أن تنسلخ من كل قيمة إنسانية حقيقية، ومن كل فضيلة دينية، حتى تقبل كمشاهد أن تتعاطف مع إنسان يجز رأس إنسان بهذه الطريقة، لا بد أن تتبرأ من عقلك إذا تفهّمت لبرهة عذر إنسان جاهل يعرض الناس لامتحان لا يعرفون عنه شيئا، ثم يقتلهم نتيجة رسوبهم في هذا الامتحان. هل تتخيلون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخضع الناس لهذا الامتحان قبل أن يعلمهم دينهم، أو يدعوهم إليه؟! كلا والله. هذه الفيديوهات جعلت حتى عتاة القاعديين والجهاديين يتنصلون من "داعش" وينتقدونها علنا ويتبرؤون منها، كما فعل أبو قتادة والمقدسي وغيرهما، مما أظهر "القاعدة" كحمل وديع أمام "داعش"!!