برلين: «الشرق الأوسط» حظيت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس في برلين باستقبال حار من قبل أنصارها في آخر خطاب لها في الحملة الانتخابية، عشية انتخابات تشريعية دقيقة بالنسبة للأغلبية الحاكمة حاليا. وبدا الارتياح على الزعيمة المحافظة المبتسمة في الاجتماع وطلبت من الناخبين «منحها تفويضا قويا» حتى تتمكن «في السنوات الأربع المقبلة مواصلة خدمة ألمانيا البلد الذي يحظى باحترام كبير في أوروبا ويدافع عن مصالحها في العالم لكنه أيضا صديق للعديد من البلدان». وتملك ميركل التي احتفى بها نحو أربعة آلاف من مناصري الاتحاد المسيحي الديمقراطي وهم يلوحون بيافطات تحمل عبارة «انجي»، فرصا كبيرة للبقاء في منصبها بعد انتخابات اليوم والحصول على ولاية ثالثة. لكنها قد لا تتمكن من الاحتفاظ بتحالفها مع الليبراليين (إف دي بي) وقد تضطر للحكم مع خصومها الاشتراكيين الديمقراطيين. ومنح استطلاع نشر أمس حزب ميركل 39 في المائة من الأصوات و6 في المائة لليبراليين، أي أنهما لن يحوزا مجتمعين الأغلبية المطلقة. ومنح الاستطلاع الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة خصمها بيير شتاينبروك 26 في المائة من نوايا التصويت والخضر 9 في المائة. ولم تشر ميركل أمس بشكل مباشر إلى الحزب الليبرالي، واكتفت بالقول إنها ترغب في الإبقاء على «هذا التحالف». ولبث الحماسة في الجموع الحاضرة، أدت مجموعة من الموسيقيين أنشودتين «انجي يجب أن تنقذ العالم» و«أنت ببساطة الأفضل». وداخل حزبها لم يحصل أن نالت ميركل وهي ابنة رجل دين من ألمانيا الشرقية السابقة، مثل هذه الحظوة والشعبية والشخصنة. وأمام عدد كبير من الصحافيين الأجانب، أكدت ميركل (59 عاما)، التي تقوم بلادها بدور مركزي ومثير للجدل في الآن نفسه في حل أزمة منطقة اليورو، على أهمية الجمع بين «التضامن والمسؤولية». وجددت ميركل أمس تمسكها بالمشروع الأوروبي. وقالت: «عندما أسافر إلى اليونان أو البرتغال هذه الأيام يقال لي أليس مزعجا أن يتظاهر الناس ضدي، وعندها أقول لهم أنا سعيدة. أسعد بأن يفعل الناس ذلك في أنحاء أوروبا وأن أعود إلى وطني ولا يسجن أحد. جربت الأمر على نحو مختلف على مدى 35 عاما في ألمانيا الشرقية. أوروبا هي قارة حرية التعبير، حرية الصحافة حرية التنقل حرية الأديان وهذا هو الكنز الحقيقي في حياتنا». وشددت ميركل التي كثيرا ما تتعرض للانتقاد في جنوب أوروبا بسبب دفاعها المستميت عن التقشف، على أن ألمانيا «أكبر اقتصاد في أوروبا تحتاج لأصدقاء». لكنها أكدت مجددا معارضتها لأي تضامن لدفع الديون في أوروبا. وطلبت ميركل التي تحكم ألمانيا منذ ثماني سنوات، من مواطنيها تأكيد ثقتهم فيها. وقالت في اجتماعاتها الانتخابية الـ65 التي جابت خلالها البلاد «أنتم تعرفون من أكون». ويندد خصومها بغياب مواقف واضحة لدى المستشارة الألمانية التي يبدو أنها تراهن فقط على شخصيتها. وقالت صحيفة «تاغي شبيغل» التي تصدر في برلين إن «ميركل لا تقدم أي وعود ملموسة ولا رؤية ولا مشروع ولا برنامج». واختار منافسها الرئيس زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين بيير شتاينبروك أن يختتم حملته الانتخابية في فرانكفورت العاصمة المالية لألمانيا ومقر البنك المركزي الأوروبي. وأمام جمع يلوح ببالونات حمراء وأعلام الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وعد بتحديد حد أدنى لأجر ساعة العمل بـ 8.5 يورو بداية من فبراير (شباط) 2014. وقال شتاينبروك (66 عاما) إن «الأمر بين أيديكم من فضلكم، اذهبوا إلى مكاتب التصويت، نحن الحزب الذي يريد تصحيح الانحرافات». وتعد ألمانيا واحدة من الدول الأوروبية التي تسجل أدنى الرواتب على الرغم من ضعف نسبة البطالة. وأضاف زعيم الاشتراكيين أن الانتخابات الحالية يجب أن تتيح «التخلص من الحكومة الأكثر جمودا والتي كانت الأكثر عودة إلى الوراء منذ إعادة توحيد» ألمانيا. وسخر زعيم الاشتراكيين الذي كان تولى منصب وزير المالية في حكومة ميركل (2005-2009)، من المستشارة التي قال إنها «تراوح مكانها»، متسائلا «أي وجهة ستأخذها البلاد؟». ودعي 61.8 مليون ناخب ألماني إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم وحسم المنازلة. ويتوقع أن تصدر أول استطلاعات للنتائج عند إقفال مكاتب الاقتراع في الساعة الرابعة عصرا. وتجرى الانتخابات التشريعية اليوم وفق نظام مزدوج يجمع بين الاقتراع المباشر والاقتراع غير المباشر. وسيكون لكل ناخب صوتان، الأول يختار فيه الناخب مرشح دائرته الانتخابية والثاني يختار فيه قائمة مرشحي الولاية من حزب معين. وعند فرز الأصوات يجري حساب الأصوات الأولى والثانية. ويحصل أكبر حزبين بسهولة على الجزء الأكبر من مقاعد المناطق وهما في الغالب الحزبان المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي. ويتكون البرلمان الفيدرالي الألماني من 589 عضوا بينهم 299 يجري انتخابهم بطريق الانتخاب المباشر و299 آخرين يجري اختيارهم عبر قوائم الأحزاب (النظام غير المباشر). وتعتمد ألمانيا هذا النظام الانتخابي بهدف إبعاد الأحزاب الصغيرة من ولوج البرلمان، اعتقادا من معدي هذا النظام بأن كثرة الأحزاب الصغيرة أو المستقلين في المؤسسة التشريعية تزعزع استقرار الديمقراطية. ونتيجة لذلك، يتعين على أي حزب الحصول على ما لا يقل عن 5 في المائة من الأصوات على المستوى الوطني من أجل الحصول على تمثيل له في البرلمان الألماني.