بينما كنت مستلقيا على كرسي أمام الشاطئ في (ليماسول) بقبرص أنتظر أحد الإخوة من اللبنانيين المتجنسين بالجنسية القبرصية. المهم وبينما كنت على ذلك الحال وإذا برجل مع ابنته التي لا يزيد عمرها على أربعة أعوام، ولازلت أذكر (مايوهها) الأزرق مع بطش من الأحمر، أخذها والدها من يدها وركب (الجت سكي) وانطلق معها وهي في حضنه، واختفيا عن ناظري بالبحر. وما هي إلا ثلاث دقائق أو أقل، وإذا بالطفلة تمر أمامي وتكاد أن تلامس كتفي وهي تقول لأمها: بدي أركب (الجت) مع بابا، واعتدلت في جلستي بل ووقفت وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، كيف رجعت هذه الطفلة بهذه السرعة الخارقة، فملامحها نفس الملامح، وشعرها نفس الشعر، ومايوهها وألوانه نفس الشيء، ويبدو أن والدتها انتبهت لتعجبي، فأخبرتني أنهما (توأمتان). وهذا ما دعاني اليوم لأخبركم عن حادثة قرأتها في إحدى المجلات المصرية القديمة، وجاء فيها: أنه في أثناء مقابلة الأستاذ الصحفي مصطفى أمين لدولة رياض الصلح رئيس الوزارة اللبنانية في بيروت سأله: هل صحيح أن أخاك التوأم على صورة طبق الأصل منك؟ فأجابه: نعم يا دولة الرئيس نحن نسخة واحدة حتى أنه لا يمكن أن تفرق بين أحدنا والآخر. فقال له: أراهن على أنني سأعرف كلا منكما (بثلاثمائة) جنيه، يا تدفعها لي يا أدفعها لك. وكان الرئيس كلما قابل الأستاذ مصطفى يدرس ملامحه وحركاته وينصت إلى صوته إلى أن عادت بعثة الملك فاروق إلى مصر ــ وإلى أن قدم الوفد اللبناني إلى مصر وعلى رأسه رياض بك. وبعد وصول الوفد إلى قصر الزعفران الذي اختير لإقامة الأعضاء، قصد رياض إلى فندق شيرد وهناك وجد أحد الشقيقين التوأمين في استقباله فصافحه قائلا: أهلا مصطفى، أين علي لكي أعرف الفرق بينكما؟ فأجابه قائلا: أنا علي يا صاحب الدولة ، فضحك رياض وقال له: أريد أن أرى مصطفى. وانصرف علي ثم عاد بعد قليل فبادره رياض قائلا: أهلا مصطفى ، أعترف لك بأنك كسبت الرهان فقد جاء علي قبلك فظننته أنت.. فأجاب علي بل أنا علي أيضا وقد عدت لأسأل دولتك عن المكان الذي تريد أن يقابلك فيه مصطفى.. وتم الاتفاق على مكان اللقاء ثم انصرف الأستاذ علي، وبعد قليل حضر الأستاذ مصطفى، فلما رآه رياض قال له: أين مصطفى يا علي؟ فأجابه: أنا مصطفى.. وكان أن كسب الأستاذ مصطفى الرهان، ولم يتمكن دولة رياض بك أن يعرف أحد الأخوين من الآخـر. وفي مذكراته قال مصطفى أمين فيما بعد: إن كل ما ذكرته لدولة الرئيس كان غلط: المهم أنني كسبت (الثلاثمائة جنيه) تناصفتها مع أخي. وما أروع أن تكون توأما .. على شرط أن تراهن وتكسب الرهان. نقلا عن عكاظ