×
محافظة المنطقة الشرقية

الاتفاق يقترب من روابح التعاون وعودة جمعان للتدريبات

صورة الخبر

كان عبد الرؤوف ناشر يجوب بسيارته، التي جهزها بأدوات ميكانيكية شوارع جنوب مدينة الرياض، باحثاً عمن يحتاج إلى مساعدة أو تعرضت مركبته لعطل ما، فيبادر إلى إصلاحه، علّه يشبع عشقه للعمل التطوعي، الذي أصبح شغله الشاغل، إلى أن تحوّلت مبادرته الفردية إلى عمل جماعي يضم أكثر من 350 شاباً متطوعاً، يطلقون على أنفسهم تسمية «فرسان الطريق». ولا يقتصر نشاط «فرسان الطريق» على جنوب الرياض، بل يتوزعون على مختلف مناطق المملكة الـ13، ويغطون طرقاً تقدر مساحتها بآلاف الكيلومترات. انطلق ناشر، المشهور بكنيته «أبو فارس»، وهي الكنية التي عرفه بها الناس منذ أكثر من ثمانية أعوام، وبشكل فردي في مشروعه الصغير، الذي يرتكز على «إحياء روح العمل التطوعي». وبات شغله الشاغل البحث في الطرقات عن سيارة تعطلت بصاحبها ليهرع إلى مساعدته. وأصبح رقم هاتفه واحداً من أهم الأرقام التي يحتفظ بها قائدو المركبات في منطقته. بيد أن الشاب كان مسكوناً بهاجس توسيع النشاط وتغطية أكبر مساحة من السعودية. وقال لـ «الحياة»: «كنت في البداية أعمل بشكل فردي وكل همي الأجر والثواب، ولكن وردتني اتصالات كثيرة من متعطلين على الطرق، من خارج منطقتي، ما اضطرني للاعتذار عن عدم مساعدتهم. وهو ما كان يصيبني بندم كبير ودفعني للتفكير جدياً في توسيع فكرتي لتشمل جميع مناطق المملكة». وأعلن ناشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن حاجته لمتطوعين لديهم «الرغبة في خدمة المجتمع من دون مقابل»، وطرح فكرته وسيرته الذاتية وعمله الذي حقق فيه «نجاحات مميزة»، فاستحسن كثير من الشبان الفكرة وبدأت الأعداد تتوافد، والمنضمون يتزاحمون على التسجيل حتى تجاوز عددهم 350 متطوعاً من مختلف مدن المملكة وقراها. وقال: «أثبتنا من خلال هذا المشروع أن فكر الشبان إيجابي وليس سلبياً، وهم محبون للعمل التطوعي وللخير من دون مقابل، بل لا ينتظرون كلمة ثناء». ولا تزال مجموعة «فرسان الطريق»، تتلقى رسائل كثيرة راغبة في الالتحاق بهم، إلا أنها جوبهت «بالرفض مع الاعتذار» بحسب رئيس المجموعة، مؤكداً أن «أكثر من 200 شخص تم الاعتذار منهم، لأننا رفعنا لافتة الاكتفاء في مناطق محددة. إنه أمر يدعو للفخر». وأضاف ناشر: «انتقدني كثيرون، واعتبروا أن ما أقوم به مضيعة للوقت والجهد، لكنني وبرفقة أصدقائي المتطوعين غيرنا بوصلة هذه النظرة السلبية، وعرفناهم بأننا على حق، وهدفنا خدمة المجتمع». ويملك ناشر وأصدقاؤه جميع المعدات المطلوبة لمساعدة السيارات المتعطلة، وفّروها من أموالهم الخاصة. وقال: «أصبح الناس يثقون بـ «فرسان الطريق» بعد أن كسبوا شهرة كبيرة، وأول سؤال يسأله الناس: هل أنتم من تساعدون الناس؟ فنرد بل نحن من نتشرف بخدمتهم». ويلبي أعضاء «فرسان الطريق» النداء في أي وقت، تاركين أسرهم ورائهم غير مبالين بالمسافة والجهد الذي سيبذلونه، ويمكن أن تتجاوز المسافة التي يقطعها أحدهم لمساعدة المتضررين أكثر من 150 كيلومتراً، وتتراوح أعمار المتطوعين بين 20 و 50 سنة يعملون في وظائف مختلفة. فرئيس المجموعة مثلاً هو مدير تنفيذي في شركة مقاولات، والآخرون يعملون في شركات كبرى، ومنهم من يعمل في قطاعات عسكرية. فيما تعمل المجموعة وفق هيكل تنظيمي إداري «مُتقن»، إذ تم تعيين مشرفين لكل منطقة مهمتهم التنسيق وتوزيع المهمات والمتابعة وكتابة التقارير الدورية. ولم تعد المساعدة في تغيير عجلة السيارة أو تزويدها بالوقود أو الماء، الأعمال الرئيسة التي يقوم بها أعضاء «فرسان الطريق»، بل تعدوا ذلك إلى توفير قطع الغيار المطلوبة للسيارات، ومن وكالاتها المعتمدة، ولا يأخذون في مقابل ذلك أي مبلغ سوى قيمة قطع الغيار، بعد تسليم صاحب السيارة فاتورة مختومة ورسمية من قسم قطع الغيار في الوكالة. وذكر ناشر: «لا يقتصر عمل المتطوعين على إيصال قطع الغيار فقط، بل توفير ميكانيكي جيد، مع إحضار الماء والعصير لصاحب السيارة مجاناً». وأوضح مشرف المنطقة الوسطى تركي الدهمش، الذي كان من أوائل المنضمين للمجموعة، أن «العمل بدأ بتوزيع المتطوعين إلى مجموعات بحسب المنطقة، وبحسب حجم المنطقة تم انضمام أعداد تناسب ذلك المكان، ويقومون بدوريات تمشيطية ليلياً وبشكل منسق، باحثين عمن يحتاج المساعدة». وتحدث عن الهدف الرئيس من إقامة هذه المجموعة، وقال: «هدفنا إحياء العمل التطوعي في المملكة، وجاءتنا عروض من شركات ومؤسسات ورجال أعمال. لكننا رفضناها لأن عملنا تطوعي بحت، ولا نقبل المال أبداً». ولم تكن المجموعة تنضوي تحت أي مظلة رسمية، إلا أن هناك أنباء عن قرب تبني جهة رسمية لها في غضون الشهرين المقبلين. ولدى المجموعة موقع إلكتروني، يحوي معلومات عن شروط الانضمام والأهداف والسياسات التي قامت من أجلها، إلى جانب صور ومشاهد لبطولات أعضاء المجموعة الذين أسهموا في مساعدة الناس. وأضاف الدهمش: «مهمة مشرفي المناطق تقتصر بعد تلقي بلاغ العطل، على تحديد المنطقة والتنسيق مع الأعضاء القريبين من المكان، من طريق برنامج «واتساب»، ومن ثم التنسيق بالهاتف النقال والمتابعة أيضاً». ويصور عضو المجموعة الموقع والسيارة ومعلوماتها، ويرسلها للمشرف، تحسباً لأي ضرر يمكن أن يصيبه، ومن أجل قاعدة البيانات التي تحوي معلومات السيارة المتعطلة، والعضو الذي قام بمساعدتها. ونشرت مجموعة «فرسان الطريق» عبر موقعها الإلكتروني قاعدة بيانات تحوي أسماء وأرقام ستة مشرفين موزعين على جميع مناطق السعودية. وتحتفظ الرياض بالعدد الأكبر من المتطوعين (57 شخصاً), بينما ينتظر أكثر من 200 متطوع الموافقة على انضمامهم.