تصريح منقول على لسان معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد يعلن فيه التَّوصُّل لاتفاق مع معهد الإدارة العامَّة عن فتح باب القبول لدراسة مدتها سنتان للشباب تتخصص في التشريعات والقوانين المتعلِّقة بمكافحة الفساد يمنح الطالب شهادة الدبلوم وبحسب التصريح فإنَّ هذا الدبلوم يساعد على ترسيخ قيم النزاهة ومما لا شكَّ فيه أن التَّعليم والتدريب مهم لأيِّ اختصاص أو جهة أو عمل أيا كان ولكن لم يحدد بالتصريح من هم الشباب المستهدفون؟ هل هم ممن حصل على الثانوية العامَّة أم من الذين يحملون مؤهلات جامعية بتخصصات عدَّة تعتمد عليها نزاهة في عملها، وهل هم من الموظفين لديها أم من الذين تنوي توظيفهم أو من موظفي الجهات الحكوميَّة ذوي الارتباط بأعمال الرقابة والتدقيق والتحقيق فما قيمة هذا النوع الدقيق من التخصصات إذا لم يكن واضحًا حجم الاستفادة منه، هل سيذهب حامل هذا الدبلوم إلى جهات ليتقدم بطلب وظيفة بهذا التخصص إذا لم يكن أصلاً قد تَمَّ تحديد وجهة عمله مسبقًا بمعنى أنّه موظف ومفرغ لهذه الدراسة فبدون ذلك لن يقبل عليه أحد لأن أعمار الشباب الطلاب ليست للهدر بتخصصات لن تنعكس عليهم بوظيفة واضحة من البداية. إن ما ننتظره من نزاهة توضيح أكبر لهذه الخطوة ومن المستهدف فيها من الشباب وما الانعكاس بصفة عامة فمن المعروف أن مثل هذه الأنواع من التخصصات يوجِّه لها أولاً من يحملون مؤهلات أكاديمية بتخصصات كالقانون والمحاسبة وحتى تخصصات هندسية مُعيَّنة ويكون الدارس موظّفًا لدى جهات رقابية إشرافية لتكون المنفعة كبيرة وتنعكس على أدائه وتزداد خبرته وثقافته القانونية بالأنظمة المكافحة للفساد والكاشفة له حتَّى تصقل معلوماته وتتطوّر بما يتناسب مع طبيعة عمله ومن المهم أيْضًا قبل أن نفكر بالتَّعليم المرتبط بالفساد النظر إلى الأنظمة والتشريعات القائمة وما يكتنفها من قصور محتمل يتسبب بثغرات تفتح الباب لممارسة الفساد، فهل توصلت نزاهة لهذه الثغرات وهل طوّرت التشريعات بما يكفي لتقليص الفساد إلى أقصى حد ممكن لأن القضاء على الفساد هو هدف لكنه يبقى بالتأكيد صعبًا لأن الفاسد يبحث عن أيّ ثغرة أو فرصة لاستغلالها وكون الأنظمة من صنع البشر والحياة تتطوّر بتقنيات وأساليب متسارعة، فوجود ثغرات أمر يبقى محتملاً ودور الجهات التشريعية والرقابية هو التطوير المستمر للأنظمة والعقوبات الرادعة وتعزيز الصلاحيات لدى الجهات المعنية للتعاطي السريع مع أيّ قصور قد يظهر مستقبلاً. إن حجم الاقتصاد الوطني أصبح كبيرًا جدًا بفترة قياسية مع الإنفاق الحكومي الكبير، كما أن الانفتاح التجاري الدولي بين المملكة والعالم تضاعف وتنوع كثيرًا خصوصًا بعد دخولنا لمنظمة التجارة العالميَّة وهذه كلّّها عوامل كشفت القصور بالأنظمة والتشريعات واستدعت تطوير وإنشاء أجهزة حكومية رقابية ومتخصصة بمكافحة الفساد نظرًا للحاجة التي برزت مع النمو الاقتصادي الضخم، الذي تسارعت وتيرته بأكبر من تطوّر الأنظمة وكشفت الممارسات والنتائج للمشروعات ذلك بفساد متنوع تسبب بتعثر تلك المشروعات أو عدم الدقة بتنفيذ متطلبات بعضها وبالتأكيد التصدي للفساد يتطلب خطة متكاملة ومن أهم دعائمها العنصر البشري المعدُّ والمهيأ لهذا العمل بالتدريب والتأهيل لكن أيْضًا يجب أن يكون متخصصًا أكاديميًا لكي يستفيد من هذا الدبلوم المتخصص جدًا وينعكس بأدائه كموظف يمارس هذا العمل المهم والحيوي وأن يكون الدبلوم مصنفًا ككرسي تدريبي متخصص لمن هم على رأس العمل بالجهات المختصة بالرقابة ومكافحة الفساد وما عدا ذلك فإنّه يصبح برنامجًا تثقيفيًّا يمكن اختزاله بدورات بسيطة المدة والأسلوب ويمكن أن تقدم من خلال مناهج مدرسية أو دورات جامعية بسيطة لتعزيز مفهوم خطورة الفساد وأساليبه وضرره على المجتمع.