بدأ الفصل الدراسي الثاني وبدأت معه رحلة الحوادث والوفيات والإصابات للمغتربات من المعلمات والطالبات. لو كان لي من الأمر شيء لوضعت رقماً على صدر كل صحيفة يذكر المسؤولين عن التربية والتعليم، والتعليم العالي بأعداد الوفيات والإصابات التي تحدث طول العالم الدراسي، لعل قلوبهم تحنُّ على هؤلاء. طالبت سابقاً وما زلت بأن تُعيَّن المعلمة في المدينة التي تريد، وفي حالات استثنائية بمسافة لا تزيد على 60 كيلومتراً عن مقر سكنها. يمكن أن تعمل الجهات التربوية على اعتماد برامج حاسب آلي متطورة لحساب المسافات وترتيب توزيع المعلمات. كما يمكن أن تعتمد وزارة التعليم العالي هذه المعلومات عند الرغبة في استحداث كليات البنات. معلوم أن المدارس تعتمد تبكير وقت الطابور الصباحي وبداية الدراسة مع تقدم وقت شروق الشمس. هذا يعني أن السائق الذي يوصل المعلمات والطالبات، يضطر للمغادرة مبكراً بوقت يزيد على نصف ساعة، وهذا قد يكون أحد أسباب الحوادث التي تحصل عادة في الصباح. لماذا لا يكون دوام المدارس البعيدة عن المدن الكبيرة متأخراً، حيث نضمن أكبر قدر من السلامة للمعلمات والطالبات. وما ضرر أن تبدأ الدراسة فيها الساعة الثامنة؟ نأتي على قضية أخرى مرتبطة بالأولى. فبعد أن نشرت جمعية الهلال الأحمر السعودي مراكزها وحققت تقدماً مشهوداً في خدماتها على الطرق السريعة، تراجعت خدمات وزارة الصحة. ظلت مراكز الرعاية الصحية الأولية خط الدفاع الأول الذي توجهنا له الوزارة. وتطردنا بسببه مستشفياتها. إلى أن بدأت خدماتها في التراجع، بل تراجع مع الخدمة الشكل العام ومستوى الموظفين والأطباء، فاتجه الناس للقطاع الخاص. مراكز الرعاية الصحية الأولية التي يفترض أن تتعامل مع 90 في المائة من الشكاوى والمراجعين، تحولت ـــ بقدرة قادر ـــ إلى وسيلة لإضافة مزيد من الأعباء على المستشفيات. بعد أن كان جهاز التمريض يُعِدُّ المريض لمقابلة الطبيب، الذي يناقشه ويتعرف على تاريخه من خلال ملف موجود في المركز، ثم يعطيه ما يشفي علته. جاءت موضة تقمص الأدوار، فأصبح الكاتب طبيباً يستقبل المرضى ويصف لهم العلاج، بل يتجه للصيدلية لصرفه. لم تكفِ هذه، بل ظهرت فكرة جديدة تماماً، عندما اضطر ركاب تعرضوا لحادث على الطريق السريع، لعلاج أنفسهم بسبب غياب موظفي المركز الصحي. لا يمكن أن أتخيل ماذا ستبدع الوزارة بعد!