×
محافظة المنطقة الشرقية

عام/ المعهد الصناعي بالأحساء يصنع (60) حاوية ورق لصالح المكتب التعاوني بالمحافظة

صورة الخبر

لقد طال شِعْري للحد الذي تسلق الضلوع، نبت فوق الحناجر وبلغ التراقي، طال للحد الذي اباهي فيه شَعر رأسي، وصار هو سيرتي الذاتية جُل الحديث عن نفسي. طال للحد الذي لا أردع الكلمات لا أنهرها، ولا أكبتها، ولا اخشى فيما أسررت وما أعلنت، وما قلت ذات يوم زوراً إن العاطفة لها أيضاً لسان وشفتان وقلم لكن لايكتب لغو الحديث وباطله. حين يعقد هدنة مع القلب فذاك يضخ الدماء، وهذا يعيد البناء، ويتفقون أن كل جدب قد يمر العمر ماهو إلا تحصيل حاصل وأن الله لايخلق شيئاً هباء، فحتى الكتابة أمر وارد في اللوح المحفوظ، والشعور مقدّر أن نصاب بنوبة منه فلا نخشى لوعات الشقاء، وعلى هذا فإن قامت قيامة الكاتب فلا يخشى أهوال المشاعر ولايخيفه عذاب العاطفة وجحيمها إن شقّ عليه نعيمها. فإن أصبنا فمن الله، وإن اخطأنا فإن النفس لجزاعة، وطماعة، ويرهقها من الدنيا لو ساعة، ويشقيها التذمر والتضجر لو بلغ فيها مثقال ذرة، من طبع النفس ألا تبحث عن كنز القناعة، فنكتب بنهم كأن الكتابة وسيلة عيش نزاولها كل صباح، ونبقى تحت آثار ثمالتها كل ليلة، إنّ الكتاب إذا سهروا انتشوا وصباحاً صدحوا أمام مكبرات الصوت بكلام يثقب القلوب فعله ينزع عنها تحجرها ويلينها وجداً، ويكنس حقداً، وإن أبكى فاتعاظا, وإن غض العيون فتفكراً. ولقد يلتبس علي من هول تكويني فإنّي أتيقن أن طينتي بثلاثة أرباع ماء العاطفة، الربع الباقي طين العقل، فإن قذف الله فيّ عاطفة ملتهبة وزاوجها بموهبة الكتابة فلن أدرأ عن نفسي العذاب ولن أغالب وابل الكلمات التي تقف في طريق الخروج على ورق أو حتى على شاشة رقمية. الكاتب دائماً محارِب ومحارَب، يجول البقاع ويصدح بشعره فيتبعه الغاوون، وإن هام في كل وادٍ، فلعلّ كلمة حق تنبت به زرعاً تحيي ضميرا، تخلق شعوراً، تصافي قلوباً تشمّعت حقداً أو غلأً. لأني اخترت أن أحارب أحمل القلم بيدي اليسرى وبيميني قهوة كافيينها يبطش بالكلام يجعله يتدفق بلا تريث، وإن نضحت العاطفة فمادام الله سهل لي به طريقاً للكلام فأنا أعترض ضد نفسي وضد أي فتور يقاوم شِعري ويعزّر لساني ويبتر شأنه ويشنق عاطفتي. أهل الكتابة كل يوم هم في شأن. تمضي الحياة ويطوى العمر ونحن على مقاعد رحلاتنا نربط حزام الأمان ونقرأ دعاء سفر ونكتب شعراً، لانخشى وعثاء سفر, القلم يحمي يد صاحبه، العاطفة تغلف القلب ديوان الشعر كدرع على الصدر، وكما أسلفت الكاتب محارِب شعره لن يقتله في كل مرة كما حدث مع الشاعر العظيم المتنبي، بل في الغالب هو يحميه.