أرسطو؛ إنه أحد عظماء المفكرين، لقد ساهم بمفرده في تنوير العالم، وذلك بجمعه كل ما كان هناك من علوم ومعرفة في عصره، فأرسله والده إلى مدرسة أفلاطون، ولا يفوتني ذكر المعلم سقراط والمفكر العربي الفارابي وغيرهم من فلاسفة المسلمين واليونان، هل انتهى عصر المفكر بانتهاء هؤلاء، أم أن في العالم بقية تتساوى معهم أو تتبع خطاهم، هل هو الزمان أو المكان وسأفترض مبدئياً إمكانية إجابات مطمئنة فالخير الأفضل والكمال الأقصى في التفاؤل. إن ثمة كتّاباً اعتقدوا أن تسمية مفكر تليق ببعض الناشطين فكرياً والذين خاضوا تجارب حركات أصولية وإسلامية وقدرات عالية على ترجمة الأحداث بلغة ثرية بالمعاني والمفردات والقراءات، فالفكر إرث ذاتي وليس مقروءاً ويستحسن آلا نتسرّع في عقد مقارنات تاريخية وحديثة على بعض الأسماء، وتذكر منها ما هو مقرّب وتبعد ما تجهل سيرته وإنجازاته. ففي كل مرة يستعير الواقع منا حلقات غير مكتملة إثر انقلابات وأحداث عاصفة عرضت الفكر العربي لأزمة حادة من الانتقادات، بينما يريد معظم المثقفين صناعة قائد يرتقي لمنزلة مفكر يؤسس المفاهيم والمعرفة العلمية ومعرفة نسيج وانطباعات واعتقادات العالم ولكن سرعان ما يُحارب وينفى لأسباب تحدث تلقائياً، فهل يمكن الحديث عن المعرفة في غياب الحقيقة؟ إننا في ضوء النتائج التي حققتها مجموعة من العقول المبتكرة واليانعة لها من البداهة ما تثبت الكثير من حقائق العلم وتفرض نفسها بنفسها، فقد تمت مشاركة المملكة العربية السعودية في المسابقة الدولية وحصدت من خلالها المركزين الثاني والثالث عالمياً، من خلال مشاركة منتخب"الخوارزمي الصغير" ب17 طالبا وحصلت على المركز الثاني والثالث عالمياً الطالبة شروق، وكثير من المسابقات الدولية تفوق فيها العقل السعودي عالمياً، هذا ما نشره الإعلام الحديث، وفي الداخل عقول لا تقل أهمية وعبقرية ولم تسلط الأضواء عليهم ولكن المناخ المحيط لم يقدم لنا مفكراً فذاً على غرار المفكرين الأوائل. ويحكى عن ديوجين أنه خرج ذات يوم يحمل مصباحاً، في واضحة النهار، قاصداً السوق حيث عامة الناس منشغلون بحياتهم اليومية، وهو يردد"أنا أبحث عن الحقيقة"فهل يحتاج في البحث عن الحقيقة، إلى مصباح في واضحة النهار، حيث كل شيء واضح وجلي، أليست الحقيقة معطاة. لقد اعتاد معظمنا أن يربط فكره بالآخرين ويقبع وسط الأحداث المتسرعة ويظل دوره كدور الشاهد الذي ينتظر استدعاءه في قضية ما، ويطبق منهج الخصوصية المحلية وتظل أبحاثه قيد الرقابة والتدقيق ويتم قطع الصلة بينه وبين التشابه مع مفكري العالم ومجالات أبحاثهم. إن العمل الذي أرسى دعائم الفكر في عقول المفكرين السابقين وأسس قدراتهم على استيعاب التناقض هو تكوين العلوم وتفسير الظواهر ودراسة التحولات الكبرى في المعرفة البشرية، فصعوبة بناء المعرفة ارتباطها بمدى حرية الإنسان وقوانينه ومواقفه وابتكاره لوسائل الدفاع عن بناء معرفته، وكيف يحافظ على بقاء جهده ضمن قيمة الغايات.