الثقافة السائدة في مجتمعنا لا تشجع أفراد المجتمع على تقبل الآخر. و»الآخر» قد يعني أهل القرية المجاورة أو الدولة العربية الشقيقة أو غير الشقيقة، وربما يكون «الآخر» هو مَنْ يؤمن بدين غير ديننا أو بمذهب غير مذهب الأغلبية أو من يميل إلى مدرسة فكرية مختلفة أو حتى من ينتسب إلى قبيلة غير قبيلتنا! ويتفاوت رفضنا للـ«آخر» تبعاً للمسافة التي نعتقد أنها تفصلنا عنه ليس بالمعنى الجغرافي وإنما، في الغالب، بالمعنى الفكري والمعنى النفسي. كما أن رد فعلنا وتصرفاتنا إزاء ذلك»الآخر» تتفاوت من مجرد الإعراض عن هذا الآخر وتجنب التعامل معه إلى تنمية مشاعر الحقد ضده وقد تصل إلى درجة أخطر من ذلك! وقد لفت انتباهي في كلمة خادم الحرمين التي ألقاها نيابة عنه سمو ولي العهد والتي وجهها إلى حجاج بيت الله الحرام مؤخراً قوله:» على المعلمين والمربين في مدارسهم أن يهيئوا أبناءهم الطلبة لخوض حياة تقبل الآخر، تحاوره وتناقشه وتجادله بالتي هي أحسن، فالمنهج المدرسي بيئة مناسبة لتعويد الطالب على التحاور، وتعويده على ان الخلاف مهما كان يُحل بالنقاش والحوار، وتدريبه على الأسس الشرعية التي دعا إليها ديننا في تلقي الآخر». تمنيت أن تتحول هذه الكلمات إلى برنامج عمل في جميع المدارس في كل المجتمعات الإسلامية، وتمنيت بشكل خاص أن تكون برنامج عمل في مدارسنا هنا بالمملكة لأننا ربما نعاني أكثر من غيرنا في رفض «الآخر». لماذا لا تبدأ وزارة التربية والتعليم بتنفيذ هذا التوجيه الملكي فوراً وذلك بوضع خطط تنفيذية ذات آليات واضحة، فالمدرسة هي الأرض الخصبة التي يتلقى فيها الطفل القيم الأساسية التي توجه مسار حياته في المستقبل بما في ذلك تعامله مع الآخرين سواء في محيطه القريب أو في أي مكان؟ إنني لا أعتقد أن الميدان التربوي بوضعه الحالي مستعد من تلقاء نفسه لتنفيذ هذا التوجيه المهم. ولذلك فإن دور الوزارة هو تحريك الميدان وتهيئته وتذليل المصاعب والعقبات لأن بعض مَنْ هم في الميدان لا يرغبون وليس لديهم القدرة على تقبل الآخر فضلاً عن تعويد الطلاب على ذلك!