عندما تجد طفلا يضحك ويقهقه في الوقت غير المناسب وتنتابه أفكار غريبة مثل محاولته توجيه المعلمين في مدرسته إلى طريقة أخرى لإدارة الحياة المدرسية، فعلينا أن نعطيه قدرا أكبر من الاهتمام، خاصة إذا ما صاحب هذه الأعراض نقص واضطراب في النوم. تحذر آنا جيلز الطبيبة النفسية الأمريكية في دراسة لها من الاحتمالات الكبيرة لإصابة الأطفال في سن العاشرة أو أكثر بقليل بالاكتئاب الذي يصاب به الكبار، مضيفة أن حالة ربع المصابين بالاكتئاب من الأطفال تصل إلى درجة من الخطورة بحيث إنهم يفكرون بجدية في الانتحار. تقول الطبيبة آنا جيلز إن بعض البالغين يعانون الهوس والاكتئاب اللذين يستمران لأشهر عدة، لكنهم يقومون بأعمالهم ونشاطاتهم بشكل طبيعي نسبيا في الأوقات الأخرى، إلا أن الأمر مختلف عند الأطفال المصابين بالهوس الاكتئابي، إذ إنهم يعانون مرضا مزمنا وأكثر خطورة مما يعانيه البالغون. في تقرير صدر أخيرا عن منظمة الصحة العالمية جاء فيه أن هناك 20 في المائة من الأطفال والمراهقين يعانون أمراضا نفسية، وأن هذه النسبة قد تزيد بحلول عام 2020 ليصبح المرض النفسي أحد الأمراض الأكثر شيوعا بين الأطفال، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف تكتشف الأسرة أن لديها طفلا يعاني مشكلة نفسية؟ تجيب الطبيبة جيلز إن تشخيص المرض النفسي عند الصغار يختلف عنه لدى البالغين، مؤكدة أن هناك عديدا من تصرفات الطفل قد تبدو للوهلة الأولى من أعراض المرض النفسي مثل الخجل والبكاء المستمر والتوتر، لكن في بعض الأحيان تعد مثل هذه التصرفات طبيعية في فترة النمو ولا تعد أعراضا مرضية إلا إذا تكررت واستمرت لفترة طويلة وتسببت في إعاقته عن ممارسة نشاطاته المختلفة. تشير الدراسة إلى أن هناك علامات إنذار عامة يتعين على الأسرة أن تهتم بها مثل تكرار شكوى الطفل من أعراض جسمانية دون وجود سبب عضوي وتغير عادات النوم والأكل للطفل، إضافة إلى نوبات غضب متكررة وغير مبررة وفقدان الاهتمام بالأصدقاء واللعب وقد يصل الأمر بالطفل إلى الهروب من المدرسة والبيت. لا يوجد سبب بعينه يمكن أن يكون هو المسبب النفسي عند الأطفال، وإنما هناك عديد من العوامل المتداخلة التي تسبب المرض النفسي عندهم منها أسباب جينية وأخرى بيولوجية تؤدي إلى اختلال الموصلات العصبية في المخ فتعوق التواصل بين مختلف الخلايا العصبية .. إلى جانب أن الظروف البيتية كالعنف الأسري والفقر والإدمان والضغوط العصبية لها دورها في الإصابة بالمرض، خاصة أن الطفل أكثر حساسية من البالغين. إن العلاج الناجح للأطفال من مشاكلهم النفسية يعتمد أساسا على تشجيعهم على ممارسة الرياضة التي تخفف من حدة توترهم وقلقهم وعلى تعديل غذائهم لوجود علاقة بين الغذاء والحالة المرضية. ولقد أثبتت الدراسة أن التدليك الجسدي يحسن مزاج الطفل ويقوي مناعته ويحسن تنفسه وكذلك العلاج بالموسيقى يؤثر في حالات القلق والاكتئاب عن الطفل.