أكدت المملكة أن الاستجابة الدولية لتغير المناخ يجب أن تحترم احتراما كاملا مبادئ وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي، وأهمها مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة. وقالت المملكة: إن الآليات المقترحة لتخفيف الانبعاثات من خلال فرض ضرائب أو «تسعير الكربون» سوف تقوض مبدأ العدالة وتحقق الإنصاف، وتنقل تكلفة جهود مواجهة التغير المناخي إلى الدول النامية، التي هي بحاجة إلى نمو مستدام في المرحلة المقبلة. وقال المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، إن المملكة ترى أن وضع أهداف صارمة وغير مدروسة لن تحقق هدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة ما لم تأخذ بالاعتبار الظروف والقدرات الوطنية لكل دولة. جاء ذلك، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله، المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية الذي ترأس وفد المملكة المشارك في اجتماع قمة المناخ، التي عقدت في المقر الدائم للأمم المتحدة في مدينة نيويورك أمس الأول، بمشاركة بعض رؤساء الدول، وكبار المسؤولين وممثلين من القطاع العام والخاص، والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني. وأضاف: إن المملكة تشاطر المجتمع الدولي الاهتمام بشأن تغير المناخ، والذي هو أولوية بالنسبة للعالم اليوم وعلى شعوبنا في المستقبل. كما تعمل المملكة على معالجة وإدارة انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. وتؤمن المملكة إيمانا راسخا بأن الحد من انبعاثات غازات الدفيئة يجب أن يتحقق دون تقويض النمو الاقتصادي، ما يؤثر سلبا على التنمية الاجتماعية أو زعزعة استقرار سوق الطاقة العالمي، وتدرك العلاقة المتبادلة بين تأثيرات التغير المناخي وأهمية التنمية المستدامة. وأضاف: إن للطاقة دور بالغ الأهمية في عملية التنمية المستدامة، حيث إن الحصول على خدمات الطاقة الحديثة المستدامة يسهم في القضاء على الفقر وإنقاذ الأرواح وتحسين الصحة ويساعد على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية. وتؤكد المملكة على أهمية تطوير جهود التكيف تحت إطار الاتفاقية بما في ذلك القرار الخاص بالتكيف الاقتصادي الفعال، وفقا لمقررات الدوحة الخاصة بالتنوع الاقتصادي لدول منطقة الخليج العربي، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية جهود التخفيف من ضمن هذه المنظومة باعتباره منفعة مشتركة. كما أشار الوزير المهندس النعيمي إلى أن المملكة تسعى جاهدة لتنمية اقتصاد مستدام، وخلق فرص عمل، وتنويع اقتصادها وصناعتها. وتصبوا إلى أن يكون اقتصادها قائما على المعرفة، كمثل الدول الصناعية الأخرى. ولكن هذا التحول التاريخي سيتطلب طاقة، تماما كما فعلت جميع الدول المتقدمة، وأن التحدي الذي اتخذته المملكة على عاتقها هو أن تسعى للقيام بذلك بكفاءة وفعالية عالية، وبطريقة سليمة بيئيا. وأوضح أن المملكة اتخذت في هذا السياق العديد من الخطوات العملية نحو التكيف والتنوع الاقتصادي، الأمر الذي يتسق مع متطلبات التنمية المستدامة ولكن سيكون له الأثر الكبير بتحقيق أهداف الاتفاقية لما بعد عام ٢٠٢٠، وستؤدي هذه الجهود إلى نتائج إيجابية فيما يخص أنشطة تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتي من أهمها رفع كفاءة استخدام الطاقة، واستخدام الطاقة الشمسية والرياح، وبرنامج احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، والتحول من الوقود السائل إلى الغاز، والبحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة. كما تستثمر المملكة في تقنيات احتجاز وتخزين الكربون والتي هي أحد خيارات تقنيات الكربون المنخفض التي تقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بكميات كبيرة في مجال الوقود الأحفوري والعمليات الصناعية الأخرى، والتي يجب أن نعمل على تشجيعها كوسيلة فاعلة للحد من ظاهرة التغير المناخي، حيث إن هناك 12 مشروعا حول العالم أثبتت نجاحها في تقليل 25 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتعمل المملكة حاليا على تنفيذ مشروع تجريبي بخفض انبعاثات الكربون من خلال مشروع «الاستخلاص المعزز للنفط عبر حقن ثاني أكسيد الكربون». الذي سيبدأ في عام 2015م بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل 800 ألف طن سنويا. كما أن إحدى شركات القطاع الخاص لدينا تعمل حاليا على مشروع فصل واستعمال ثاني أكسيد الكربون في إنتاج مواد أخرى ذات قيمة اقتصادية، وسيقوم المشروع بتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل 500 ألف طن سنويا. كما أنشأت المملكة اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة تمشيا مع بروتوكول كيوتو، لإدارة وتطبيق مشاريع التنمية النظيفة. وفي مجال مستقبل الطاقة النظيفة والمتجددة، فقد تم إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وذلك بهدف بناء مستقبل مستدام للمملكة من خلال إدخال مصادر الطاقة المتجددة إلى منظومة الطاقة المحلية. ولقد أولت المملكة جل اهتمامها لتثقيف الجيلِ الصاعد من أبنائها بالطاقة الشمسية، إدراكا منها بأن الإسهام في الجهود العلمية العالمية في تطوير هذه المصادر من الطاقة سيصب في المصلحة الاقتصادية الأساسية وطويلة المدى للمملكة. وتم تحويل البرنامج الوطني لإدارة وترشيد استهلاك الطاقة الذي دشن في عام 2008م إلى مركز وطني دائم لترشيد الطاقة على مستوى المملكة من أجل تحسين كفاءة إنتاج واستهلاك الطاقة، وتوحيد الجهود بين مختلف الجهات في المملكة للمحافظة على الطاقة، واستغلالها بكفاءة عالية، مع الإسهام في الجهود المبذولة للمحافظة على البيئة. وقد خصصت المملكة مبالغ طائلة في مجال البحث والتطوير في الطاقة النظيفة، حيث تم إنشاء «مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية» على المستوى العالمي لأبحاث جميع أنواع الطاقة وما يتعلق بها من اقتصاديات وسياسات وتكنولوجيا وتقنيات بيئية. كما قامت المملكة ببناء «جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية» للبحث العلمي المتقدم في مجال الطاقة والبيئة. كما أن معظم جامعات المملكة تهتم بالأبحاث في هذا المجال.