ـ لا أحد يناقش أبداً في ريادة الحجاز ولا في علو كعب أهلها، فستبقى رونق البلد وجاذبيتها العصية على التخريف والهمهمة، ولو لم تنجب حمزة شحاتة لكان من حقنا أن نتخيله إرثاً وطنياً يخصنا جميعاً ؛ ثم نزعم لحسنه وبهائه أنه أسطورة غنية الروح من صنع يديها. ـ حمزة شحاتة، شاعراً وفيلسوفاً ومفكراً عظيماً، هو أنموذج باذخ المعنى للذين يستفيقون باكراً، ويزرعون ويحصدون قبل أن يتهيأ الماء كي يمر على كل الحقول المجاورة، ولذلك دائماً ما يكون للريادة ثمن وأي ثمن؟! ـ أما فيلم حمزة شحاتة فهو رسالة واحتجاج قبل أن يكون احتفاء برجل؛ رسالة لمؤسساتنا الثقافية التي تعوم على الماء من عقود، ولا تجيد البحث عن اللآلئ، ولذلك لم تقم يوماً ببعض واجبها تجاه حمزة شحاتة ورفاقه، واحتجاج على من يخنقون الورد غضاً طرياً دون أن يستوي على دفء الشمس، وتدليل المعجبين. ـ سأحتفظ بأمنية أثق أن معي من يشاركني فيها؛ أن يكون فيلم حمزة شحاتة هو بداية انهمار المطر والتباريح، وسأمني نفسي معكم في كل عام أن أشاهد وجهاً حجازياً وطنياً آخر يعلمنا جاذبية الهوى وتقاسيم الصبابة؛ بعد أن وصلنا إلى مرحلة انعدام الوزن في عالمنا المحلي المكرور. ـ لن أشكر القائمين على الفيلم وهم يستحقون؛ بل سأشكر الأرض الحجازية الصانعة التي تؤكد لنا دائماً أن أولادها هم خير من يعرف الفرق بين الغثاء وبين العظمة، ويشتغلون فناً جميلاً على هذا الأساس؛ لأن ما جرى في بطحاء مكة فعلاً كثير وعظيم.. في انتظار بقية الأهرام.