يتوقع أن تؤدي العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على موسكو إلى توقف مفاجئ لأنشطة استكشاف احتياطات روسيا الضخمة من النفط الصخري وخام القطب الشمالي وتعقيد تمويل المشاريع الروسية القائمة من بحر قزوين إلى العراق وغانا. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات جازبروم، وجازبروم نفت، ولوك أويل، وسورجوت للنفط والغاز، وروسنفت، تحظر على الشركات الغربية دعم أنشطتها في الاستكشاف أو الإنتاج في المياه العميقة أو الحقول البحرية في القطب الشمالي أو مشاريع الوقود الصخري. وبحسب "رويترز"، فإن الإجراءات الجديدة تمثل توسعاً كبيرا لنطاق العقوبات السابقة التي لم تحظر سوى تصدير المعدات النفطية ذات التكنولوجيا العالية إلى روسيا، وتستهدف هذه الإجراءات زيادة الضغط على الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين بسبب ممارسات روسيا في أوكرانيا. ومن بين المشاريع التي تهددها العقوبات الآن برنامج تنقيب ضخم لشركة أكسون موبيل الأمريكية العملاقة في منطقة القطب الشمالي الروسية الذي بدأ في آب (أغسطس) في إطار مشروع مشترك مع "روسنفت"، وسيتم تعليق هذا المشروع وغيره من عشرات المشاريع التي اتفقت عليها "روسنفت"، و"جازبروم نفت"، مع "أكسون موبيل"، وشركة رويال داتش شل البريطانية الهولندية، و"شتات أويل" النرويجية، و"ايني" الإيطالية. وقال مسؤول كبير في الحكومة الأمريكية، "إن قطع موارد التكنولوجيا والخدمات والسلع التي تقدمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن تلك المشاريع يجعل من المستحيل الاستمرار في هذه المشاريع أو على الأقل يجعله أمرا بالغ الصعوبة، فلا توجد بدائل جاهزة في أي مكان آخر"، مضيفاً أنه "لا توجد مقدسات في العقود، وستمهل الشركات 14 يوما لإنهاء الأنشطة تدريجيا". وتعول روسيا ثاني أكبر مصدر للخام في العالم على احتياطاتها من نفط القطب الشمالي والنفط الصخري "المحكم" للحفاظ على الإنتاج عند نحو 10.5 مليون برميل يوميا وسط تراجع الإنتاج في حقولها القديمة في غرب سيبيريا. ويوجد أحد أكبر احتياطات النفط المحكم الروسي في تكوين باجينوف الجيولوجي الكائن تحت حقول ناضجة في غرب سيبيريا، وتقدر هذه الاحتياطيات بتريليون برميل من النفط بما يعادل أربعة أمثال احتياطيات السعودية. وقال ايجور سيتشين رئيس شركة روسنفت والحليف المقرب من بوتين في وقت سابق هذا الشهر "إن الشركة وافقت على برنامج لإحلال جميع التكنولوجيا الغربية في الأمد المتوسط"، فيما ذكر ميخائيل ليونتييف المتحدث باسم الشركة أن محامي "روسنفت" يدرسون العقوبات وتداعياتها على مشاريع التنقيب المشتركة مع "أكسون" في القطب الشمالي. واعتبر مصدر من "لوك أويل" أكبر شركات النفط الخاصة في روسيا أن العقوبات الجديدة كانت صدمة، ولم نكن نتوقع حقا أن ينتهي بنا المطاف إلى قائمة العقوبات. ولوك أويل هي أكثر الشركات الروسية نشاطا في الخارج، وتملك أصولا من بينها مشاريع في المياه العميقة قبالة غانا وأنشطة في المياه الضحلة في بحر قزوين وعمليات برية عملاقة في العراق، وكانت الشركة تخطط للتنقيب عن النفط المحكم في سيبيريا مع شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال. وأشار مسؤولون في الحكومة الأمريكية إلى أن الإجراءات الجديدة وضعت بهذا الشكل لتجنب التأثير في الإنتاج التقليدي أو المشاريع الأجنبية للشركات الروسية، وشددوا على أن العقوبات الجديدة ستلحق مزيدا من الأضرار بالاقتصاد الروسي الذي يقف على شفا الركود ويواجه هبوطا نسبته 13 في المائة في عملته الروبل ونزوح رؤوس أموال بقيمة 100 مليار دولار منذ بداية العام، مضيفين أنه "إذا لجأت شركات الطاقة إلى البنك المركزي للحصول على تمويلات فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى استنزاف موارد الدولة". وقال فيتالي كرويكوف مدير مؤسسة الأبحاث الروسية سمول ليترز، "إن روسيا التي يبلغ احتياطها من النقد الأجنبي 460 مليار دولار لديها ما يكفي من الموارد الداخلية لمدة عامين على أقصى تقدير في ظل العقوبات الحالية". وأضاف كرويكوف أنه سيتعين على روسيا التوجه إلى آسيا للحصول على تمويلات، لكن الله يعلم إلى أي حد ستصل تكلفة الإقراض هناك، وستسارع المصارف الآسيوية إلى رفع أسعار الفائدة. وتوقع أنطون سيلوانوف وزير المالية أن يصل عجز موازنة روسيا في العام المقبل إلى 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بينما ينتظر أن يبلغ العجز نحو 0.6 في المائة في عامي 2016 و2017، ومن المستبعد بحسب الوزير أن تعزز موسكو صندوق الاحتياطيات في السنة المالية 2014-2015.