×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / ورشة " أجهزة الأمن والسلامة " بمكتب المتابعة بالأحساء

صورة الخبر

أكد مختصون أن الإرهاب بات ظاهرة "عالمية" تحصد أمامها الأخضر واليابس، مشيرين إلى أن تمدده في المنطقة العربية، دفع السعودية إلى التعاون مع بعض دول المنطقة وأمريكا وقوى العالم إلى الالتفات إلى تلك التنظيمات الإرهابية من أجل دراسة تكونها ووضع الخطط للقضاء عليها، وذلك بعد رصد مشاهد القتل المروعة وما شكله هذا المشهد من رعب حقيقي لا يمت للإسلام بشيء. وأكد الدكتور صدقة فاضل، عضو مجلس الشورى واستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، أن الإرهاب ظاهرة شهدها العالم في معظم أرجائه، صحيح أن وجودها ارتبط بالعالم الإسلامي إلا أنه ظاهرة عالمية لا دين لها، وبلادنا من أكثر مناطق العالم التي تعرضت لها، وهو ما جعلنا نفكر بصدق لإيجاد آلية للقضاء عليها، ونحن في بلادنا لدينا عدد من البرامج التي تقوم عليها عدة جهات لمكافحة هذه الظاهرة، التي لا يمكن القضاء عليها، لكن يمكن التخفيف من حدة آثارها السلبية على العباد والبلاد. وتابع "من ضمن جهود المملكة لمكافحة الإرهاب أنها عقدت عدة مؤتمرات دولية وعالمية للنظر في تعاون دولي وقوي لمكافحة الظاهرة، التي تعد ظاهرة عالمية تنتشر في أرجاء العالم، ووزارة الداخلية السعودية لديها برنامج فكري للقضاء على الإرهاب يعرف بالمناصحة، وحكومة المملكة بقيادة الملك عبد الله بن عبدالعزيز، عقدت مؤتمرا عالميا قبل عدة سنوات في الرياض لمكافحة الإرهاب، وحضر هذا المؤتمر عدد كبير من المهتمين والمختصين وخاصة من بعض دول العالم التي لديها برامج قوية لمكافحة هذه الظاهرة". وأشار عضو مجلس الشورى واستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز إلى أنه من بين ما تمخض عنه مؤتمر الرياض هو ضرورة التعاون بين الدول فيما بينها، عن طريق تبادل المعلومات الأمنية، كما تبنى هذا المؤتمر دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإقامة مركز عالمي لمكافحة الإرهاب في الرياض، وصدر في البيان الختامي للمؤتمر ترحيب بهذه الفكرة، وتعهد بالمساهمة في إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، واختيرت الرياض لتحتضنه. وذكر أن تفاعل المجتمعين حول المركز الذي سيسهم في إيجاد أبحاث قوية بمشاركة عدد من الباحثين من الدول المختلفة حول العالم لدحر الإرهاب، وإصدار منشورات دعوية مؤسساتية ودائمة، وللأسف لم نجد الحماس الضروري من الدول لإنشاء المركز، كما تعهدوا في البيان الختامي، أن الفكرة لم تستبعد إلا أنهم تقاعسوا، وفي خطاب الملك الأخير عتب على تلك الدول عدم إسراعها في إيجاد هذا المركز. وتطرق إلى عدد من الاتفاقيات العربية والإقليمية لمكافحة الإرهاب بين الدول الغربية، وبين دول شرق آسيا، إلا أنه لم توجد اتفاقية دولية حول ذلك، مستدركا أنه توجد اتفاقية دولية واحدة لكنها لا تعد شاملة ووافية، وهو ما يستوجب إيجاد اتفاقية دولية كبرى تنضم لها كل دول العالم لمكافحة الإرهاب، إِذ بدأت الأمم المتحدة في إيجاد اتفاقية من 2001، إلا أن دول العالم لم تتفق على تعريف موحد للإرهاب، فالتعريف الذي قد يجده البعض صحيحا لم يستسغه آخرون، لوجود تداخل بين تعريف الإرهاب، "استخدام العنف ضد الأبرياء"، وظاهرة "الكفاح الوطني"، بمعنى أن معظم دول العالم النامية شددت على أن الدفاع الوطني ضد الغزاة والمحتلين والمعتدين أمر مشروع، للدفاع عن الحريات أو الكفاح ضد الظلم، فيما اعتبره الغرب جزءا لا ينفصل عن الإرهاب، وبالتالي وقف التعريف الموحد عائقا أمام إيجاد اتفاقية عالمية. وتابع فاضل "كما رأت بعض الشعوب أن الخروج على الحاكم المتجبر والمتسلط لإسقاطه بالقوة أمر لا يدخل ضمن الإرهاب، فيما اختلفت معها بعض الدول العربية الأخرى واعتبرته أمرا غير جائز شرعا"، ودعا للاتفاق على تعريف موحد آخر لإيجاد الاتفاقية العالمية لمكافحة الإرهاب. وشدد عضو الشورى على أن مكافحة الإرهاب لا تعني بالضرورة تشديد الإجراءات الأمنية، بل وضع إجراء علاجي وآخر وقائي، والإجراء العلاجي هو الأمن، واستخدام العقاب والثواب، أما الإجراءات الوقائية فهي الأهم. وعن التغرير بالشباب السعودي باسم الدين، أشار استاذ العلوم السياسية إلى أن الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده كدين لا يدعو للعنف، إلا أن أصابع التغيير والتراكمات بحيث حصر الدين في قتال غير المسلمين، دون تحديد هوية غير المسلمين، فأصبح المسلمون يحاربون إخوانهم العرب والمسلمين، الذين قد يختلفون معهم في أمور ظاهرية وليست جوهرية، وهو ما عمل الغرب على استغلاله ليضرب المسلمين بعضهم بعضا دون تدخل الغرب أعداء الإسلام في أي من تلك المعارك، وهو المستفيد الأول من إيجاد خلايا إرهابية تحارب المسلمين في المنطقة العربية. وختم حديثه بأن أزمة الإرهاب هي أزمة فكر، قبل أن تكون أي شيء آخر، مشددا على أن الغرب هم من أسهم في وجود "داعش" وأمثالها. من جانبه، دعا دكتور أنور عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، إلى ضرورة الإسراع في إيجاد مركز وطني مستقل مدعوم من الحكومة يستطيع تقديم معلومات ودراسات ذات مصداقية عالية حول سبل مكافحة الإرهاب. وأشار عشقي إلى أن تقاعس دول العالم عن تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب الذي دعا له خادم الحرمين الشريفين قبل نحو عشر سنوات، ورصد له 10 ملايين دولار في الأمم المتحدة ليبدأ أعماله، لافتا إلى أن هذا التقاعس لا ينبغي أن يثني الجهات الأمنية المسؤولة في المملكة عن دعم المركز، خصوصا أن المركز قد بدأ بالفعل بإنتاج بعض الدراسات الجيدة، وبدأ يحصل على دعم خجول من بعض الدول، لكنه لم يصل لمستوى إيجاد دراسات وخطط استراتيجية لدحر الإرهاب. وتابع "الإرهاب لا يقاتل بالجنود، بل يُكافح، لذا لا بد من تضافر جهود الباحثين في المجالات الاجتماعية والإعلامية والسياسية، ويتطلب دراسات تقوم بها الدول الإسلامية مجتمعة"، مشيرا إلى أن عددا من دول العالم ظنت خاطئة بأنه بمقدورها مكافحة الإرهاب بنفسها مثل أمريكا التي أوجدت مركزين لأبحاث الإرهاب أحدهما في وزارة الخارجية الأمريكية منذ أكثر من 35 سنة، واستدرك "إلا أن الملك عبد الله كان يريد أن تتضافر الجهود". وأردف "المملكة تثري دول العالم بمعلومات حول الإرهاب، وهي أول من ساهم في إحباط عمليات إرهابية في أوروبا وأمريكا، بالرغم من عدم اعتراف أمريكا بذلك، كما أنها أول من ساعدت أمريكا في الكشف عن وجود سائل متفجر متجه إلى أمريكا، كما ساهمت في تفكيك السائل الكيميائي الذي كان يحمله أحد الإرهابيين في قدمه على متن إحدى الرحلات المتجهة إلى أمريكا"، والمملكة قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، وهذا لا يمنع قدوم باحثين من الأمم المتحدة وغيرها لإجراء البحوث في المملكة، إلا ان أمريكا لم تعترف بعد بأن الإرهاب جريمة عابرة للقارات ولا يهدد أمن أمريكا وحدها، بل يهدد الأمن العالمي للدول. وحول عدم إيجاد تعريف محدد للإرهاب، أشار عشقي إلى أن تعريف الإرهاب موجود في الموسوعة الأمريكية منذ أكثر من 40 سنة، إلا أن بعض الدول تتملص من الاعتراف به حتى لا تقر أن المقاومة ضد الاحتلال إرهاب، إِذ إن الموسوعة الأمريكية عرفت الإرهاب بأنه "إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات لتحقيق غرض سياسي"، وبالتالي يصبح الضحية هو الهدف، كما حدث في اغتيال السادات. وذكر أن الولايات المتحدة تقاعست عن إيقاف الحرب في سورية، "والسبب هو أن الشعب الأمريكي لا يسمح للحكومة بالقتال لأن ذلك لا يؤثر على الأمن القومي للأمريكيين، والكونجرس لا يوافق للرئيس بالدخول في الحروب إلا بعد تصويت وموافقة الشعب، لكن حينما شاهد الشعب الأمريكي أن مواطنا أمريكيا ذبح في سورية على يد "داعش"، بدأت أمريكا تحضر للقضاء على "داعش" بإرسال طائرات الاستطلاع ". وعن حملات التغرير بالشباب السعودي للانضمام إلى صفوف "داعش"، قال عشقي "الملك عبد الله فصل القول في مسألة التغرير بتجريمه، أي شخص يغرر بالشباب المسلم، كما جرم شرعا بفتوى شرعية"، وأكد عشقي على دور البحوث الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب، خصوصا أن المملكة اكتوت من نيران الإرهاب ونجحت في القضاء عليه أمنيا، إلا أنها لم تستعد له ثقافيا وفكريا وإعلاميا للحد من التغرير، وقد ظهرت في الفترة الأخيرة جهود فردية في هذا الشأن، وهذا ليس بكاف، على حد تعبير عشقي. وشدد على ضرورة تكاتف جميع أفراد المجتمع من علماء ومفكرين وأفراد عاديين، عن طريق إيجاد المنتديات الدورية لتلاقح الأفكار ضد الإرهاب، والتخلص منه بشكل أكبر وليس فرديا، إِذ إن المملكة لا يمكن أن تنتصر أمنيا إلا إذا شعر كل مواطن بأنه رجل أمن، وكل أسرة لا بد أن تنتبه لأبنائها وتبلغ عن أي تحركات غير طبيعية تلحظها على أبنائها، وهذا يأتي باللحمة والوطنية وحب الوطن، وبالتالي يمكن القضاء على أي عدو سواء كان استعماريا أم عدوا فكريا.