×
محافظة المنطقة الشرقية

طرد مسؤول بمتاجر "وولمارت" أهان نساء مسلمات عبر فيسبوك

صورة الخبر

لندن: محمد رُضــا بين فينيسيا وتورونتو محيط واسع ليس جغرافيا فحسب، بل ثقافيا أيضا. الأول مهرجان ينوي دائما تقديم الفن على شؤون وجوانب السينما عموما، وينبري الثاني على الاهتمام بكافة هذه الشؤون أولا، ولا بأس إن كان من بين الـ300 فيلم أو نحوها الذي يعرضها نصف يرضي النقاد قبل سواهم. والمفهوم يختلف أيضا حيال دور كل منهم في الحياة السينمائية ذاتها. فينيسيا، الذي أغلق كل أبوابه صباح يوم الأحد (أول من أمس) يطرح نفسه منبرا للمخرجين في الأساس، بينما يتداول تورونتو (الذي انطلقت دورته الجديدة في الخامس من هذا الشهر وتستمر حتى الحادي عشر منه) السينما تسويقا وتوزيعا وإنتاجا وحفلات ومظاهر خلابة. وللمرء أن يختار خصوصا أنه في حين يعتقد البعض أن شؤون التوزيع والتجارة والإنتاج ليست من صلب اهتمامه، فإن المهرجان الكندي سعيد بأن يعمل تماما بمقتضى مفهومه مؤكدا كيف أن منهجه هذا هو ما جعله أهم مهرجان سينمائي خارج أوروبا. نتائج فينيسيا جاءت أوروبية بكاملها تقريبا ما يؤكد عزلة المهرجان الإيطالي عن محيطه العالمي، أميركي ولاتيني وآسيوي إلى حد. ونقاد إيطاليون وأوروبيون لاحظوا هذه النقطة وبعضهم أثارها في تعليقاتهم يومي الأحد والاثنين. لكن هذا ليس الأمر الوحيد الذي أثار حفيظة مدير الفني ألبرتو باربيرا وجعله يهرع لسلاح الكلمة ليدافع عبرها عن موقفه. لقد تناهى له أن بعض المعلقين الإيطاليين والفرنسيين تساءلوا في كتاباتهم عن السبب الذي لم يختر باربيرا الفيلم الأكثر إثارة للضجـة هذه الأيام وهو الفيلم الأميركي للمخرج ستيف ماكوين «اثنا عشر سنة عبدا» Twelve Years a Slave. المنتقدون لاحظوا هنا أن الفيلم عـرض على المهرجان الإيطالي لكنه لم ينفذ إليه، وأنه أثار ضجـة إعلامية كبيرة واستقبل بترحاب واسع في مهرجاني «توليارايد» و«تورونتو». باربيرا أدلى بتصريح قال فيه إنه آسف على أن الفيلم لم يعرض في فينيسيا. ولكنه انتقد من قال: إن رفض الإدارة للفيلم تم تبعا لشروط الإنتاج التي طلبت دعوات لخمسين سينمائيا مرتبطا بالفيلم. الأمر الذي لم يكن في وارد الموافقة عليه. باربيرا رد على ذلك بأنه غير صحيح. صحن بارد «اثنا عشر سنة عبدا» هو فيلم مختلف للمخرج ستيف ماكوين، الذي قام سابقا برصد حالات أناس بريطانيين أو آيرلنديين في أوقات عصيبة. نعم الفيلم الجديد يشبه من هذه الزاوية المحددة، ما عرضه ماكوين في «جوع» (حول إضراب عن الطعام لسجين آيرلندي سياسي - 2008) و«عار» (عن مدمن على الجنس يتعامل مع إدمانه مضطرا - 2012)، لكنه يختلف هذه المرة في أنه يتعامل مباشرة مع التاريخ الأميركي وعلى خامة كبيرة وليست فردية. الفيلم الجديد مأخوذ عن قصـة حقيقية لأسود حر تم اختطافه، سنة 1841. ثم بيعه كعبد وذلك قبل عدة سنوات من نشوب الحرب الأهلية الأميركية التي انتهت بمنح السود الأميركيين الحريـة والحد نهائيا من العبودية. ليس فقط أن الموضوع جيـد (وهو يلتقي مع مواضيع عدة طـرحت في العامين الماضيين من بينها الفيلم الحالي «رئيس الخدم» وفيلم ترشيحات الأوسكار «دجانغو طليقا») بل أثار الإعجاب وقال فيه بعض النقاد إنه التذكرة المؤكدة لأوسكار أفضل فيلم هذا العام. كثيرة هي الأفلام التي عـرضت في فينيسيا وسافرت من توه إلى تورونتو، وأكثر منها تلك التي فوتت فينيسيا بالكامل ولم تكترث. من الفريق الأول هناك فيلم إيرول موريس «معروف - مجهول» الذي تناولناه في نقدنا لما شوهد في المهرجان الإيطالي، والذي دار حول مقابلة من نحو ساعة ونصف مع وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رمسفيلد. الآن انتقل الفيلم، بعدما خرج من مولد فينيسيا بلا حمـص، إلى تورونتو حيث استقبل عموما بالمقارنة مع فيلم موريس الأفضل السابق «ضباب حرب» (نال أوسكار أفضل فيلم تسجيلي سنة 2003) ومنحه درجات أدنى من ذلك الفيلم - إن لم يكن لشيء فلأن لا جديد استطاع رمسفيلد قوله على ما هو متداول ومعروف من مواقفه وآرائه. لكن هناك سببا آخر مهم: في حديث للمخرج جديد كشف عن أنه عرض على رمسفيلد لا إجراء المقابلة السينمائية فقط، بل إرسالها إليه للموافقة عليها. شيء يشبه تماما قيام ناقد ما مثلا بعرض نقده لفيلم ما على مخرجه لكي ينال موافقته عليه. أكثر من ذلك كلـه، أن النقاد الأميركيين أعابوا على الفيلم، حين قارنوه مع «ضباب حرب» كيف أن رمسفيلد لم يبد أي شعور بالذنب أو الندم على ما قام به من إجراءات دفعت أميركا إلى خوض حرب العراق. صحيح أن المخرج في حديثه (الذي ظهر في إحدى يوميات مهرجان تورونتو قبل ثلاثة أيام) ينتقد رمسفيلد في أكثر من مناسبة، لكن فيلمه ذاته يفتقد الحدة ويبدو غير قادر على المواجهة. المعضلة السورية ما هو مشترك آخر بين دورتي فينيسيا وتورونتو يخرج عن نطاق الأفلام. فكلاهما انطلق وسط جو سياسي متوتـر ناتج عن احتمالات الحرب على سوريا. لكن في حين لم يـطرح الموضوع إعلاميا على الصحف ولا حاول الصحافيون طرحه على النجوم المشاركين، سعى الإعلام لمعرفة آراء عدد من النجوم الأميركيين الموجودين في تورونتو أمثال سوزان ساراندون وجوش برولين وتيم روبنز، لكن هؤلاء التزموا بالصمت رغم أن بعضهم لا يوافق على حرب أميركية جديدة. الوحيد الذي تكلـم في هذا الموضوع هو المخرج محمد ملص الذي يعرض في تورونتو «سلم إلى دمشق» الذي يتناول، فيما يتناوله، توق السوريين إلى حريـة الرأي والتعبير. في حديث له قال: «أنا ضد التدخل لأن الشعب السوري عليه أن يحل قضاياه بنفسه» وأن لا يبدو أنه ذكر كيف يتوقـع ذلك. وهناك فيلم آخر عن سوريا للإيطالي أليسو سريمونيني (هو أيضا آثر تورونتو على فينيسيا) الذي عرض بعنوان «حدود» ويتحدث عن شقيقتين تضطران للهرب والنجاة بالنفس في رحلة شاقـة إلى الحدود التركية بعدما قام والدهما الضابط في الجيش النظامي بالانضمام إلى الجيش الحر. في حين أن ملص صور فيلمه (بميزانية 800 ألف دولار) في دمشق مبديا الآن خشيته من قيام النظام باعتقال المشتركين فيه، صور سريمونيني فيلمه في إيطاليا بعدما التقى سوزان دبـوس، الصحافية السورية التي لجأت إلى باريس والتي أخبرته حين التقاها أن الريف السوري يشبه بتضاريسه الريف الإيطالي. لا أخبار عن إتمام صفقات بيع لأي من الفيلمين. محمد ملص شوهد في اجتماعات متوالية لكن الموضوع ساخن لدرجة أن أحدا لا يبدي الرغبة في الإمساك به.