يواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد تركة ثقيلة خلفتها حكومة المالكي التي وصفت سياستها بالطائفية وتعمد الإقصاء والتهميش ضد المكون السني وأبناء العشائر ومعتدلي الشيعة، ولهذا يرى المراقبون على أن حيدر العبادي المكلف بتشكيل الحكومة، بحاجة ماسة إلى السعي نحو الخروج من نفق الطائفية واحتمالية تقسيم العراق الذي أدخله فيه عهد المالكي، والعمل على صد الهجمات الإرهابية التي تقودها جماعة داعش واستعادة السيطرة على الأراضي التي خرجت عن سيطرة الحكومة، وإعادة النازحين وإعمار المدن والقرى التي تأثرت من الحرب الأهلية. وعلى الرئيس العبادي أن يدرك بأن عراق اليوم مفقود بأكمله، ولا يوجد دور للدولة في العديد من أنحاء العراق الآن، فهناك مناطق تسيطر عليها الميليشيات الطائفية من كل المذاهب والأنواع، وهي تتحكم بفرض نمط يناسبها لإدارة المنطقة التي تسيطر عليها، وهناك سلسلة من القضايا الكبرى أبرزها محاولات انفصال إقليم كردستان عن الحكومة المركزية، وانعدام وجود جيش وطني، وعزل شبه كامل للمكون السني بسبب سياسة الإقصاء والتهميش التي اتبعها المالكي، وعدم وجود مصالحة وطنية حقيقية وعملية بين كامل الأطراف، مع وجود خلل ونقاط خلاف في نصوص الدستور. هذه هي الحقيقة التي سيواجهها رئيس الوزراء العراقي الجديد، وعليه أن يضع مسارا شاملا نحو استعادة الدولة المفقودة بتحقيق تغيير شامل في النهج السياسي والاقتصادي الذي اتبع منذ بداية عهد الاحتلال الأمريكي، وأن يتناسى الخلفية الحزبية والطائفية، بما فيها التحالف الوطني الذي رشحه للرئاسة، ويوحد الرؤية الوطنية نحو إعادة الوئام في العراق، وعودته الكاملة إلى محيطه العربي الذي هو جزء لا يتجزأ منه.