استغرب الدكتور عياض السلمي مدير مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عدم نظر وزارة العدل لمشروع قدمه مركز التميز لها قبل أكثر من عام يختص "بأعوان القضاة", ومفاده بأن يكون لكل قاض في المملكة مستشار خاص يقوم بمساعدته ودراسة القضايا وتجهيزها له. ويرى في حديثه لـ «الاقتصادية» إن تطبيق مثل هذا النظام من شأنه أن يرفع إنتاجية القاضي أكثر من 100 في المائة, خصوصاً أن إنتاجيتهم ضعيفة، إضافة إلى أعدادهم القليلة، كما أنه يسهم في إنجاز أضعاف ملفات القضايا المتراكمة التي لدى القضاة والتي يعملون عليها في الوقت الحالي ببطء شديد يصل إلى سنوات. وبين السلمي أن طبيعة عمل أعوان القضاة حسب الدراسة التي قدمها المركز لوزارة العدل تكون من خلال إطلاع المستشارين على أبعاد القضية المعنية التي بحوزة القاضي ودراستهم إياها بتعمق من خلال استعانتهم بمراكز البحوث. وأكد السلمي أن مثل هؤلاء المستشارين ليس لهم صلاحية بالتدخل في أحكام القاضي, مبيناً أن القاضي يحكم بنفسه من خلال ما يقدمه له المستشار من أدلة وأوراق ومراجع تبين مسار ووجهة القضية، وإضافة إلى تأخير وزارة العدل بدراسة مشروع المركز عن أعوان القضاة, أجلت المحكمة العليا أثناء رئاسة الشيخ عبد الرحمن الكلية قبل أربع سنوات لطلب التمويل على المشروع الخاص المقدم من المركز أيضاً في وضع المبادئ القضائية وصياغة أحكام القضاء, كون المحكمة العليا تعد صاحبة الصلاحية في وضع المبادئ القضائية المستحدثة. وأضاف السلمي: "مبادئ القضاء هي أحكام وقواعد عامة تقرها المحكمة بعد أي حكم قضائي يأتيها ويكون قد أخل بتلك المبادئ وتقوم بنقضه مباشرة ولكن لا نعلم ماذا جرى لمشروعنا الذي قدمناه لهم". وطالب الشيخ عبد الله بن خنين عضو هيئة كبار العلماء أثناء مشاركته بورقة عمل في الورشة التي نظمها مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة بعنوان: "السوابق القضائية والاعتماد عليها في القضاء" بأن يقوم مجلس القضاء الأعلى بتعميد محاكم الاستئناف والمحاكم العليا بالاحتفاظ بالسوابق القضائية التي يشرع بها القضاة على المختصمين, مؤكداً أنه حتى لو لم يتم اعتمادها فإنها تجوز ويشرع للقاضي أن يخالف ما هو منصوص عليه في نظام العقوبات نظراً لما تقتضيه المستحدثات في الحياة العصرية. علماء مشاركون في الورشة التي نظمها مركز التميز البحثي في فقه جامعة الإمام محمد بن سعود. تصوير: خالد المصري - «الاقتصادية» وأشار إلى أن السوابق القضائية يجب أن تؤرشف وتوزع على القضاة في المحاكم كي يطلعوا عليها ويتزودوا بها وتكون مرجعاً مساعداً لهم في القضايا المشابهة, لافتاً إلى أن النوازل اختلفت وتغيرت بتغير أوضاع الحياة وأحوال الناس الشخصية, مشدداً في الوقت نفسه على ألا يتم نشر أحكام القضاة التي يشرعون عليها بناء على سوابق قضائية إلا بعد مراجعتها وفحصها من قبل رؤساء محاكم الاستئناف أو المحاكم العليا؛ لأن هناك قضاة أحكامهم غير متقنة وليس لها مستند قوي لذلك يجب ألا توثق. ووفقاً لعلماء ومشايخ شاركوا في الورشة عرفوا السوابق القضائية بأنها الأحكام التي تأتي بناء على اجتهاد القاضي التي لم يسبقه عليها أحد, ولم يُذكر الحكم لا في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع. وكشفت لـ «الاقتصادية» في وقت سابق مصادر في وزارة العدل، عن توجيه الوزارة 800 بريد إلكتروني لقضاة يعملون في المحاكم، نبهت من خلاله إلى معدل إنجاز القضايا المنظورة لكل قاض ومدى تحقيقه إنجازا من عدمه. وأبلغت المصادر أن العدل وضعت خانات ثلاث لكل قاض بحسب ما أنجز من عمل، خضراء وصفراء وحمراء. وانتهجت وزارة العدل في طريقتها تلك مقارنة ساعات عمل كل قاض وربطها بمدى ما أنجزه في اليوم الواحد لتحدد أي "نطاق" يقع فيه القاضي وإدراجه في الخانات الثلاث. وأوضحت المصادر أن الوزارة ستعمد إلى إرسال الرسائل الإلكترونية كل شهر رغبة منها في قياس أداء القضاة. ويراوح عدد القضايا التي ينظرها القاضي في اليوم الواحد بين 14 و20 قضية، وأظهرت إحصائية صدرت منذ عام ارتفاعا لمعدل ما ينظره القاضي الشرعي في السعودية يوميا من القضايا. ويفسر الضغط الحاصل على المكاتب القضائية بما خصص لكل متقاض من القضاة وما يترتب على ذلك من إطالة مدى حسم الدعاوى التي يتم إرجاؤها تحت حجة الفحص والدراسة قبل نطق الأحكام. وفصلت وزارة العدل العام الماضي نحو 40 موظفا، وحسمت من مرتبات آخرين، حيال إهمالهم في العمل الوظيفي ونتيجة لتأخر إنجاز معاملات وحقوق مراجعين.