لفتت نظري عشرات الصور لأبناء وبنات مجتمعي وهم يسافرون في أصقاع الأرض. صور في الثلج والبر والبحر، بين الخضرة والمياه والوجوه الحسان. ومن أهم الصور التي انتشرت هذه الأيام تلك التي التقطت لشخص خمسيني مع زوجته في «كابرون، زيلامسي»، وهما يطلان على فضاء ممتد من اللاعبين والمتزلجين على الثلج. تلك الإطلالة فيها نظرة تأمل، وتمعن، واندهاش. البعض أخذ هذه الصور وغيرها مأخذ السخرية، فراح يتحدث عن السعوديين، وملله من مشاهدته لهم في كل مكان وكأنه ولد خارج مجتمعه أو أنبت عنه. نحن ناشئون في هذا العالم ومدة انطلاقنا فيه لم تتجاوز الثمانين سنة، فلا تلوموا المجتمع، بل دعوه يتنفس الهواء الطلق. أعجبني تعليق الأستاذ الصديق عثمان العمير، حين وضع صورة لمجموعة من السائحين السعوديين في بريطانيا حينها تمنى الاعتياد على الاختلاف، والتعلم من الثقافات والمجتمعات. ثم أن سفر الآلاف من السعوديين إلى الشرق والغرب هو تطلع لفضاء أرحب، واكتشاف لصيغ عيش جديدة، واطلاع على الآخرين بكل يومياتهم وعفويتهم. مرت فترة حرم فيها البعض من السفر إلى الخارج إلا للعلاج، وكأننا في صندوق الحقيقة والنزاهة والإبداع المطلق، وكأننا لا نحتاج إلى الآخر للتعلم منه والإفادة من صرعات الحياة، والحداثة والتنوير التي أنتجت لديه. أعتب حقيقة على السخرية الكبيرة من بعض السعوديين تجاه مجتمعهم، ينتقدونه إن انغلق ويستكثرون عليه إن انطلق وساح في الأرض، فهو مذموم بكل الأحوال. مجتمعنا فتي شاب أغلق عليه التيار الصحوي المتطرف سبل الحياة، والعيش، والنقاش، والاحتكاك مع الآخر، فدعوه ينطلق مكتشفا حابيا على أرصفة أوروبا الرائعة وبقية مناطق العالم. من الخطأ أن تذهب بالبعض نخبويته التي يتخيلها إلى درجة تجعله يسخر من كل فعلٍ يقوم به الناس، ثم يذمهم على كل حال، إن تحرك ذمه، وإن هجع واستكان هاجمه، فارفقوا بالمجتمع رحمكم الله.