تؤكد التطورات الدرامية المتسارعة والاكتساحات الواسعة للتنظيم الإرهابي المسمى بداعش واستطاعة هذا التنظيم الاستيلاء على بلدات ومدن رئيسية في العراق وسوريا ومساحات واسعة في عدد من المناطق المشتعلة بالفتن، يؤكد ما حصل ويحصل أن هذا التنظيم لا يمكنه القيام بما قام به لولا مباركة ودعم وتخطيط وترتيب قوى عالمية كبرى، وأنه من غير المستبعد أن تكون ولادة هذا التنظيم هو جزء أساسي من تنفيذ سياسة الفوضى الخلاقة التي سمعت بها دول المنطقة وهي تُعلن من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس فلم تعبأ بها دول المنطقة ولم تخضعها للدراسة والبحث والتأمل ولم تستعد لمواجهتها فكان هذا الارتباك والذعر الذي أصابها وهي تعيش مأساة وفوضى وتقف عاجزة أو متعاجزة عن فعل شيء ملموس يوقف هذه الفوضى التي تُنفذ عن طريق أداة رخيصة لئيمة تسمى «داعش» وترفع للأسف الشديد شعارات إسلامية والإسلام منها ومن أعمالها براء ! لقد أصبحنا نمسي ونصبح على فظائع منقولة عبر فضائيات تصور وتجسد ما يفعله هذا التنظيم الخبيث المصنوع والمسخر لتشويه الإسلام والمسلمين وتنقل لنا الفضائيات استيلاء التنظيم على مدن كاملة في ساعات ثم يتبع ذلك عشرات المجازر المروعة الذي يصف فيها الضحايا من رجال ونساء وشباب وأطفال ثم تطلق على رؤوسهم النيران وسط تهليل وتكبير مجموعة من «الإرهابيين» الذين يظهرون جذلين فرحين وهم يقطعون رؤوس الضحايا ثم يرصونها أو يتقاذفونها مثل كرة القدم وهم يصيحون «الله أكبر الله أكبر» قاتلهم الله آنى يؤفكون. فهل بعد كل ما فعلته داعش تستمر المعالجات الساذجة لهذه الفوضى والمأساة وهل يصدق من لديه أدنى عقل أن كل ما تملكه داعش من أسلحة وإمكانيات وسيارات فاخرة وأجهزة اتصالات ومراقبة وتحكم كلها من صناعة داعش، وإلى متى تستمر دول المنطقة في مثل هذه المعالجات والتحليلات الساذجة للتنظيم دون أن تصل إلى مستوى من الموضوعية والشجاعة التي تجعلها تشير بطريقة واضحة إلى من كان وراء ولادة التنظيم وتدريبه وتحويله والتخطيط له ودعمه لوجيستيا ومساعدته على الدخول إلى مناطق الفتن بعد أن أشعلت نيرها وكل هذا لا يمكن إلا أن ترعاه دول كبرى، كما أن تسهيل مرور مقاتلي التنظيم عن طريق دول الجوار إلى مناطق الفتن لا يمكن أن يكون إلا بضغط من القوى العظمى ولذلك فإن على دول المنطقة أن تتعامل مع الحقائق وأن تعرف عدوها الحقيقي وأن تدرك أن داعش صنيعة له وأن تقوم بما يحفظ لها كيانها وأمنها ومستقبل أبنائها.. أما إذا استمرت المعالجات والتحليلات الساذجة (فويل لجميع العرب من شر قد اقترب) لأنهم لن يكونوا بمنجى ومنأى عما حصل ويحصل في المناطق التي اكتسحتها داعش والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.