استعراض مساعي مبعوثي الأمم المتحدة أو مفوضيها لحل النزاعات في العالم العربي منذ 2003م يثبت أنها فشلت فشلاً ذريعاً في العراق، وسورية، وليبيا، وفي اليمن. فشل كوفي عنان، وملادينوف، والإبراهيمي، برناردينو ليون، وديمستورا، وأخيراً جمال بن عمر. وهناك حشد كبير من المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة تعاقبوا على الملف الفلسطيني، وفي لبنان، والصومال، إلى آخر قائمة طويلة من المبعوثين الذي أنجزوا لا شيء في أي من النزاعات التي توسطوا فيها. جمال بن عمر يعد أضعف هؤلاء الممثلين الأممين من حيث سيرته الذاتية وأعماله السابقة، فإذا كان معظم زملائه تولوا مناصب في دولهم أو في مؤسسات تشريعية أو تنفيذية عريقة مثل البرلمان الأوربي، فإن تاريخ ابن عمر لا يروي سوى معارضته لبلاده، وتبنيه أيديلوجيات أدخلته السجن في المغرب، ومن السجن إلى منظمات حقوق الإنسان التي لا تبصر سوى في بلداننا العربية، وفي غيرها تصاب بمتلازمة الصمت الرهيب ومباركة ما يُفعل بالإنسان من غوانتناموا إلى أبو غريب مروراً بالسجون السرية الأميركية. الملك سلمان دعا الفعاليات اليمنية إلى حوار في الرياض قبيل انطلاق عاصفة الحزم، واستجاب المخلصون من أبناء اليمن، أما الذين يتلقون التعليمات من لسان أعجمي غير مُبين فقد رفضوا المشروع العودة إلى تاريخ المبعوثين الأممين أملاه فشل ذريع لابن عمر في اليمن، ولعل في ذلك خيراً لليمن أن تداركه التحالف العربي قبل أن تكتمل الصفقات التي كانت ستباركها الأمم المتحدة. هذا السرد من الفشل الذريع للأمم المتحدة استدعاه أيضاً تصريحان الأول للرئيس الإيراني روحاني الذي يدعو فيه التحالف إلى إيقاف عاصفة الحزم، والحوار، والثاني للأمين العام للأمم المتحدة ينادي فيه بالحوار. الرئيس الإيراني يرسل عدة بوارج إلى المياه الدولية قريباً من اليمن، في عملية استفزازية واضحة لا تعبر عن نوايا خالصة للحوار أو السلام، وبدلاً من أن يوجه أمره للحوثيين، فإنه يخطئ عن سابق إصرار الطريق في الدعوة إلى الحوار. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل يمطرنا قائد قواته البرية بالتهديدات، وهو يعرف جيداً بصفته العسكرية خطأ ما ذهب إليه. السيد بانكي مون الذي لا يفوت مناسبة وآخرها القمة العربية في شرم الشيخ، دون أن ينعى إلينا سورية، ويصف ما يجري فيها بأنه وصمة عار في جبين الإنسانية، يريد أن يصنع لنا وصمة عار أخرى في اليمن. فهل كان ذلك من بنات أفكاره أم هي مشورة السيد ابن عمر الذي هزه الحنين إلى اليمن وإحياء مشروع يرون بوادر اندثاره تتضح بعد كل غارة جوبة لقوات التحالف المشاركة في عاصفة الحزم. الملك سلمان دعا الفعاليات اليمنية إلى حوار في الرياض قبيل انطلاق عاصفة الحزم، واستجاب المخلصون من أبناء اليمن، أما الذين يتلقون التعليمات من لسان أعجمي غير مُبين فقد رفضوا المشروع، فهب ابن عمر لعرض الدوحة مكاناً للحوار، فرفض المقترح بشدة من قبل الحوثيين لأن الخطة أن يكون الحوار في طهران من أجل تعزيز موقف المفاوض الإيراني في لوزان. وبعد بدء عاصفة الحزم بيومين جدد الملك سلمان الدعوة أمام القمة العربية، وأن أبواب الرياض مفتوحة للأشقاء اليمنيين للحوار والتوافق، ولكن هذه المرة ليست دعوة مفتوحة كسابقتها. الجسد اليمني الآن يعاني من السرطان الحوثي كما وصفه الرئيس المخلوع، وحتى يكون قادراً على الحوار فإنه لابد من استئصال هذا الورم الخبيث، والعملية جارية، فعاصفة الحزم في مباضعها الشفاء إن شاء الله لمرض اليمن، وبعد ذلك فالجميع مدعوون للحوار، وفق ما تقرره الشرعية اليمنية، وسيكون اليمن بكل طوائفه وتياراته مدعواً إلى طاولة الحوار من أجل مستقبل أفضل لليمن. الحوثيون سيهزمون إن شاء الله، ولكن الوقوع في شرك المناورات الروسية في مجلس الأمن وتعطيل أية قرارات قد تختصر مدة عملية عاصفة الحزم سيكون له آثار مدمرة على اليمن، والإقليم والمنطقة. ولاشك لديّ أن العاصفة التي استجابت لاستغاثة الشرعية اليمنية دون الاستئذان من أحد، ستواصل تحقيق أهدافها والتحدث للعالم باللغة التي يفهمها، ويقدرها الحوثيون كثيراً وهي لغة القوة. ويوماً بعد يوم يتعرى الحوثيون أمام الرأي العام اليمني والعربي والعالمي، فالشعار الذي يلتفون حوله أسقطته إيران في لوزان، ولم يعد ممكناً دغدغة المشاعر بالموت لأميركا وإسرائيل واللعنة على اليهود، كما أن مواصلة أبواق إيران التي قبضت مقدماً من الخزينة الإيرانية استثارة عواطف العوام بوصف عاصفة الحزم أنها عدوان سعودي أميركي أصبحت تثير السخرية، ولا يمكن بيعها إلا على السذج. روسيا قوة عظمى، وقد سقطت الإيديولوجيات، وتحكمت المصالح في العلاقات الدولية، وهي غير مهتمة باليمن، ولا يعني لها شيئاً، وإنما تتخذه قضية للمساومة في موضوعات تخصها وتتعلق بنفوذها ومصالحها كالقضية السورية، وأسعار النفط. وإذا استمرت عاصفة الحزم، وتواصل زخم الدعم وبخاصة من الدول العظمى ذات الفيتو في مجلس الأمن، فإن روسيا لا تملك الكثير لعرقلة قوات التحالف. ومع ذلك فإنني على يقين أن هناك بوابات خلفية لروسيا يمكن الولوج معها في أي وقت، ولا يعدم الساسة مفاتيح تلك البوابات إذا ما رأوا أنهم بحاجة لها. الدولة الوحيدة التي لا منطق ولا شرعية لتدخلها هي إيران. فلا اليمن دولة حدودية لها، ولم تنفق المليارات على تنمية اليمن، ولم يعرف اليمن الخراب والدمار إلا على يدي إيران، وقد يكون من صالح مستقبل العلاقة مع جيرانها، أن تلزم إيران الهدوء، وأن تُخلي المشهد من وجودها غير المرحب به، ومهم جداً أن تعلم طهران أن اليوم غير الأمس، وأن غداً غير اليوم، فقد أفاقت الدول العربية من سباتها، وتحرك الرأي العام العربي والإسلامي والدولي داعماً لعاصفة الحزم. ومثلما قال أحد الغربيين: إذا أراد المجتمع الدولي القضاء على داعش والقاعدة فإن عليه أن يلجم طموح إيران في المنطقة، وأن يفكك مليشياتها وحشدها الشعبي في العرق، وأن يعطل فاعلية وكلائها الذي يسبحون بحمدها ويقدسون سرها. لمراسلة الكاتب: aaltayer@alriyadh.net