عيد سعيد وجعل الله أيامكم كلها أعياداً في طاعته، وحديثنا اليوم وقد انقضى شهر رمضان الشهر الكريم، شهر الخير والبركة والمغفرة والرحمة والعتق من النيران، وودعناه ومازالت روحانياته تنبض في سرائرنا وأنفسنا، آملين وعاملين أن نسعى للمحافظة على هذا الصفاء الروحي حتى بعد شهر رمضان الكريم. كم هو جليل حينما تتوافق جميع فئات المجتمع وقلوبهم تتوحد كما توحدت أحوالهم في الامتناع عن الملذات والصوم والإمساك.. وهم في رحلة روحية تعلَّقت فيها قلوبهم بربهم وخالقهم ورازقهم، فكم صاموا فيها عن النزوات، وأطالوا القيام للعبادة والاستغفار، وازدلفوا إلى الله بالطاعة في مختلف دروب الطاعة، وكم أحسنوا إلى الخلق أملاً في إحسان الخالق إليهم، وكم هي لحظات روحانية في هذا الشهر المبارك والجميع كان يترقب أذان المغرب ويفرح بتناول طعام الإفطار، فنسأل الله أن يتقبل الطاعات وأعلى الدرجات وأن يديم المسرات ويوفقنا للخيرات والأعمال الصالحات. سبحان الله، فلكٌ يدور وسنواتٌ تمر، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى في الكون، ولكن المهم ما هي حصيلتنا التي خرجنا بها من موسم الخير وماذا جنينا؟!.. طاعة وعبادة ومحاسبة النفس واكتساب حسنات وغذاء روح، وعفو الكريم المتعال لنجدد به نشاطنا للمضي في دروب الحياة. وبعد شهر الطاعة يشرق علينا عيد الفطر السعيد، وهو يوم فرح وسرور، وأفراح المؤمنين في دنياهم وأخراهم إنما هي بفضل الله سبحانه وتعالى كما في قوله:﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾، وجعله الله فرحة للصائمين بطاعتهم لله تعالى، ورمزاً للسرور، وقوة الرابطة، وتجديد الأواصر في المودة، والألفة بين القلوب، وهو بلاشك من الأيام المباركة؛ فلكل أمة أعيادَها التي تعتز بها، وأمة الإسلام هي خير أمة أخرجت للناس، جاءت أعيادُها أكرمَ الأعياد؛ إذ جعلها الحق تعالى مرتبطة بعقيدتها، وإشعاراً بالفرحة بعد تمام النعمة. ويجيء عيد الفطر المبارك منحة وهدية ربانية لتصفو النفوس بين الأهل والأقرباء والأحبة والأصدقاء وتمتد جسور المحبة ليكون عيداً للتسامح والصفاء والعفو والوصل وإظهار الوجه الجميل، وعيداً للطاعة وحب الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وعيداً للقلوب وموسماً للبهجة، وفرصة للتقارب، ونبعاً للمحبة، ونهراً للعطاء. ويؤدي المسلمون صلاة العيد ويلتقون ويتبادلون التهاني ويزورون أهليهم وأقرباءهم وأصدقاءهم وجيرانهم وصلة أرحامهم، ويعطفون على الفقراء. وفيه تتجلى الكثير من معاني الإسلام الاجتماعية والإنسانية، وفي العيد تذكير بحق الضعفاء في المجتمع الإسلامي حتى تشمل الفرحة كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، وهو الهدف من تشريع (صدقة الفطر) في عيد الفطر. كان للعيد نكهته الخاصة في حوارينا الشعبية، تتزين له الحارة بالعقود المضيئة والجلسات الشعبية لإظهار السرور والفرح بين الأهالي والزائرين وبإشراف عُمد الأحياء ويتميز ببرامج شعبية متنوعة كالألعاب والمجسات والفنون الشعبية والمزمار والأهازيج التراثية، التي تُفرِح الناس وتدخل البهجة إلى نفوسهم وتروح عنهم، ويسود الجميع أريحية ومحبة. وكان الجميع يحرص على الخروج لأداء صلاة العيد بأجمل الثياب، ثم يجتمع أفراد العائلة على مأدبة فطور العيد في بيت كبير العائلة، ثم ينصرف الجميع لمعايدة الجيران والأهل والأقارب والأرحام والتزاور الاجتماعي في جو من الإلفة والمحبة والدفء، فحقاً كان العيد في الزمان القريب يتوسد القلوب وينثر الفرح على الوجوه، ويبعث الطمأنينة في النفوس، ويزرع الحياة والأمل بنشاط وحيوية. فمشاعرنا في العيد تتماوج بين الفرح بفضل الله وتوفيقه والوجل من عدم القبول، واليوم ونحن في الفرحة الأولى -فرحة الفطر- نسأل الله أن يفرحنا يوم نلقاه بفرحة الصوم؛ وأن يتقبل منَّا ومنكم ما عملنا من قربات، أعاده الله علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين باليمن والبركات والخير العميم. من أعماق القلب نقول للجميع من العايدين ومن الفايزين، وتقبّل الله الطاعات والجميع في أحسن حال، وكل الأمنيات بأن يعيش الناس في تفاؤل وفرح، والتهنئة القلبية الخالصة للأحبة القراء بالعيد السعيد، ودامت فرحتكم وابتسامتكم، وكل عام والجميع بخير وسعادة ووطننا الغالي في عز ومنعة وسعادة في ظل قيادتنا الحكيمة تحت راية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه، ونسأل الله تعالى أن يكون عيدنا هذا العام عيد بهجة واحتفاء وتواصل اجتماعي يسوده الدفء بين أبناء مجتمعنا السعودي الطيب، كما نسأله سبحانه تعالى أن تدوم السعادة في قلوبكم والصحة في أبدانكم والطمأنينة في قلوبكم والرضا في نفوسكم والنور في وجوهكم. دامت ابتسامتك بخير. amohorjy@kau.edu.sa للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (63) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain