وكنت أظن أنا سوف نبلى،، وما بيني وبينك، لا يزول!! أن تخيب التوقعات، حسرة ما بعدها حسرة، وانكسار للنفس ما بعده انكسار، لكنه ليس ذنب التوقعات التي أخطأت الطريق، وإنما ذنب صاحبها الذي لم يحسن التقدير ولم يملك التمييز بين التوقعات والأمنيات فمزجهما معا في إناء ظنونه!! بعض الناس يتمنون الأمنيات ثم يتعلقون بأهدابها على أنها توقعات ينتظرون وقوعها، وما أظن العباس بن الأحنف صاحب البيت السابق إلا من أولئك الذين يخلطون بين الأماني والتوقعات، فهو في حقيقة الأمر، كان من أحب أمنياته أن يظل ما بينه وبين الحبيبة عامرا متواصلا مدى الحياة لا يفنى ولا يبلى، وبلغ به التعلق بتلك الأمنية أن أوهم ذاته أن هذا أمر متوقع، وأن هذا ما سيحدث ولا شيء سواه!! بعض الحالمين يضعون أمنياتهم أمام أعينهم، ثم ينظرون إليها على أنها توقعات قابلة للتحقق، لا يعتريهم شك في صدق تحققها كما يهوون ويشتهون، لكن الأمنيات تظل أمنيات، قد تتحقق وقد لا تتحقق، الأمنيات لا ترسم بناء على مؤشرات تتقدمها وإرهاصات تنبئ بحدوثها، كما هو الحال في التوقعات. فالتوقعات نتائج مبنية على مقدمات، والنتائج غالبا تأتي متطابقة مع المقدمات، أما إن جاءت على غير ذلك، فليس ذنب التوقعات وإنما هو سوء التقدير وخلل في مهارة التفكير. وإساءة تقدير التوقعات بلاء يحدث لكل الناس من حين لآخر، لا يكاد يسلم منه أحد، يقع فيه حتى الأذكياء منهم، فهم يقعون في سوء التقدير للغرور الذي يصور لهم أنهم مختلفون عن غيرهم وأنهم لن يجري عليهم ما جرى على غيرهم، ويقعون فيه للتسرع في الحكم قبل اكتمال المعرفة بما يحكمون عليه، ويقعون فيه لخلطهم بين الأماني والتوقعات فيتعاملون مع الأمرين كشيء واحد ولا فرق. أن تخيب الأمنيات، لوعة لا تدانيها لوعة، تظل مرارتها عالقة بالذاكرة لا يغسلها سكر الدنيا كلها. ومع ذلك، تظل خيبة الأماني أخف وطأة على الإنسان من خيبة التوقع، فالأماني منذ البداية تعلن عن نفسها أنها مجرد أمان، لا شيء يربطها بالواقع لذلك عندما تخيب، خيبتها لا تورث صاحبها لوما للذات ولا نقمة عليها، فتظل العلاقة بينه وبين ذاته طيبة وسليمة، أما خيبة التوقعات، فليست كذلك، خيبة التوقعات لها مرارة تحرق الكبد لا يطفئ حرقها ماء الدنيا كله!!