خلال فترة القبول الجامعي لخريجي الثانويات العامة، أطلق أحد المهتمين بالشأن الجامعي مجموعة من التعليقات من العيار الثقيل! متزامنة مع بحثه عن مقعد لابنه هنا أوهناك! كانت تلك التعليقات حول الجامعات وقياداتها ومنهجيتها وآليات القبول فيها. في رأيي لا حجر على أي شخص أن يقول ما شاء طالما أنه لا يتّهم من غير دليل أو يسيء إلى أي إنسان إساءة شخصية. ومما أطلقه ذلك الناقد من تعليقات وآراء ما يلي: * ليس هناك فرق ولا تميّز لجامعة على أخرى، إذ إن سياسات القبول موحدة والكليات نُسخ من بعضها البعض، والمديرون في النهاية "تنفيذيون" بامتياز طالما يطبقون لوائح وأحكاما لا مجال للاجتهاد فيها. * الجامعات- وكما يرى- مجرد ثانويات مطورة لا ترتقي أن تكون مثل جامعات الدول المتقدمة، ذات الكيانات والسياسات والقيادات المتفردة والمتميزة. في حقيقة الأمر، أن ذلك الشخص جانب الصواب كثيرًا، وأجحف في طروحاته، وقد تكون نظرته تلك مطابقة لآخرين غيره في المجتمع، ممن لا يملكون صورة واضحة عن التعليم العالي ومؤسساته.. ولعلي في هذا المقال وما يليه سأركز حديثي عن القيادات الجامعية. وذلك لقناعتي أن مدار حديث ذلك الناقد هو عن القيادات ودورها.. لن أكون محابيا ولا متحيزا إذا قلت إن قياداتنا الجامعية، في الحقيقة، تبذل الجهد وتستنفذ الطاقات في سبيل جعل تلك المؤسسات مميزة ومنافسة وقادرة على أداء دورها المنوط بها.. لكني في نفس الوقت أجدها فرصة مناسبة لاستصحاب نظرات ورؤى بعض قيادات التعليم العالي الدولية حول مفهوم رسالة القائد الأكاديمي وحقيقة دوره، لتتضح الصورة لذلك الناقد ولغيره وللعموم. في مقال نشرته أليزا انيانقو Eliza Anyangwe في دورية Guardian Professional بتاريخ الأربعاء 30/5/2012م تحت عنوان أفكار حول القيادة في التعليم العالي Thoughts on leadership in higher education، طرحت الكاتبة عدة أسئلة على نخبة من خبراء التعليم العالي، ومن أهمها: ما هي المهارات التي يجب أن يتحلى بها القائد الجامعي وما هي القضايا التي يجب أن يشتغل بها ذلك القائد؟. وكان التساؤل الذي يستدعي آراء الخبراء هو: هل يكفي أن يهتم بأساليب وآليات التدريس أم بتوفير الدعم للبحث العلمي، وكثير من أمور تصريف الأعمال اليومية في الجامعة، أم أن هناك أدورا يجب أن يشتغل بها بالإضافة إلى ما ذكرنا لكي يتميز، وبالتالي تتميز مؤسسته الأكاديمية تبعا لذلك. سأختار بعضًا من التلخيص لإجابات أولئك الخبراء لما تحمله من دلالات لديهم هناك، وكذلك لدى مؤسساتنا الأكاديمية وقادتها: * يؤكد أ. د. ماهوني Professor Craig Mahoney (الرئيس التنفيذي لأكاديمية التعليم العالي The Higher Education Academy) على أنه ليس هناك طريقة واحدة لاكتشاف وإيجاد القيادة الأكاديمية، بل هي عملية معقدة للوصول لتلك القيادة الكفوءة ذات القدرات والتميز، لكنها ممكنة على أي حال. * يشدد ويليام قرايفس William H Graves (نائب الرئيس لمجموعة ايليوشيان – متخصصون في مهارات التعلم Ellucian) على أنه يجب على القيادات الأكاديمية أن تعيد النظر في أساليب القيادة التقليدية لمؤسساتها، ويجدر بتلك القيادة أن تكون براغماتية (عملية) تستغل كل الفرص لتحسين وتطوير العملية الأكاديمية بصفة مستمرة. * بينما ينتقد د. ريتشارد هال Dr Richard Hall De Montfort University - جامعة مونفورت التفرغ لجلب الدعم المالي للجامعة، وأنه ينبغي على القيادة الأكاديمية التركيز على القيم والمثل، وليس على الأموال وطرق جمعها، حيث لم تتميز الجامعات العريقة إلا ارتكازا على قيم ومبادئ دافعت عنها وتبنتها لتكون منهجا لها. * ويلخص أ. د. دون فريشواتر Professor Dawn Freshwater (مساعد الرئيس - جامعة ليدز pro-vice-chancellor, University of Leeds) الإجابة عن سؤال: أي نوع من القادة الأكاديميين نحن نحتاج؟ بقوله: نحن بحاجة إلى قادة قادرين على تسهيل التجديد المستمر لهم كقادة وللفريق الذي يعمل معهم، وأعضاء هيئة التدريس والجامعة ككل. هكذا إذن، مع الاستدلال بآراء خبراء عالميين في شؤون التعليم العالي، نخلص إلى أن الجامعة ليست ثانوية مطورة، وقياداتها ليسوا مدراء تنفيذيين فحسب (كما يعتقد ويُروّج البعض)، بل هم قادة حقيقيون يصنعون مستقبل الأجيال من خلال مؤسساتهم. هدفي من هذا المقال أن نتأمل ونبدأ حوارا حقيقيا للإجابة على العديد من الأسئلة حول مجموعة المهارات التي يجدر بالقائد الأكاديمي التحلي بها ليواجه التحديات في أيامنا هذه. آمل في المقال القادم أن أتمكن من طرح بعض الأفكار والآراء بإذن الله.. وبالله التوفيق. taam_tm@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (110) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain