على الرغم من تصويره دوما، أن سورية تتعرض لحرب يصفها بـ"الكونية"، وأن أطرافا "إقليمية" تعمل على خلق أرضية خصبة للإرهاب في سورية، ناقض بشار الأسد أول من أمس نفسه، حين وصف شريحة كبيرة من المجتمع السوري، بـ"الحاضنة للإرهاب".الأسد قال خلال استقباله عددا من رجال الدين المؤيدين لبقائه في السلطة، ممن وصفهم منذر ماخوس سفير الائتلاف الوطني السوري في باريس بـ"شيوخ السلطة"، إن مبدأ المجاملة مرفوض في قاموسه، وإلا لكان جامل "أميركا" حسب قوله، وأن اختياره مقابلة رجال الدين، جاء من منطلق اختيار "الخصوم" ساحة الصراع الديني في سورية بداية للأزمة، متناسيا أنه هو من استجلب من قال عنهم ماخوس في حديث مع "الوطن" أمس، "جيوش لاحتلال أرضنا". الغريب في حديث الأسد، اعتراف رأس سلطة نظام دمشق، بعشرات الآلاف من الإرهابيين السوريين، المدعومين بـ"حاضنة اجتماعية" قدرها بـ"الملايين"، وهو ما رد عليه ماخوس بالقول: "أنت من استجلبت مقاتلين من كل بقاع الدنيا. من حق الشعب السوري أن يجد من يدافع عنه ويناصره في وجه آلة البطش العسكرية"، في إشارة من ماخوس إلى المقاتلين الذين قال إنهم جاؤوا إلى سورية لنصرة السوريين من منطلق "غيرة.. وعروبة". وتساءل "ماذا يريد مقاتلو حزب الله، والكتائب العراقية الشيعية الأخرى من الشعب السوري؟". لكن سفير الائتلاف الوطني السوري، لم يشمل في انتقاداته فقط نظام الأسد، الذي أسهم في توسع دائرة الإرهاب في سورية، بل انتقد "صمت المجتمع الدولي"، الذي قال إنه "أسهم بشكل غير مباشر في انتشار الفوضى، وقدوم المقاتلين إلى سورية". وفي تفسير لخطوات الأسد، قال ماخوس: "الأسد يحرص على البعد الديني في الأزمة لخلق انطباع لدى الرأي العام أن البلاد تتعرض للإرهاب بالفعل. هذه الألاعيب باتت مكشوفة. الرجل يمارس ما ورثه عن والده الذي كان يستخدم رجال الدين كورقة تصب في نهاية الأمر لتثبيت أركان حكمه. هذه منهجية النظام الأسدي منذ عقود. لم تعد تخدع أحدا".ويؤكد سفير الائتلاف الوطني السوري، أن محاولات نظام دمشق تلك، من بين أهدافها أيضا، تسوية الثورة وربطها بالإرهاب، لكن المتطرفين ـ بحسب ماخوس ـ لا تقارن أعدادهم بالجيوش التي استجلبها نظام دمشق، للقتال إلى جانبه، وتصفية أبناء الشعب السوري. وهذه هي المرة الأولى، التي يعترف بها رأس نظام دمشق، بوجود بيئة حاضنة للإرهاب، كما يحلو له الوصف، وهو الذي لطالما اختصر الأمر، بالحديث عما يصفهم بـ"الجماعات المسلحة"، في إشارة إلى مقاتلي الجيش السوري الحر، الذين ثاروا في وجه نظام حكمه، بعد عقود من القهر والظلم، والسيطرة على مقدرات البلاد. وفي اللقاء الذي جمعه برجال الدين، جاء الأسد على ذكر الشيخ محمد سعيد البوطي، الذي تشير أصابع الاتهام إلى النظام بتصفيته، خلال محاضرة دينية في دمشق، لما يعتقد أنه خروج الرجل عن النص، في أحد الدروس الشرعية، التي لم تأت على حسب رغبة النظام الحاكم.