كل الوطن- متابعات: اتهمت مجموعة من العلماء والأكاديميين والكتاب البارزين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بإذكاء الانقسامات الطائفية من خلال وصفه المتكرر لبريطانيا بأنها “دولة مسيحية”. وجهت أكثر من 50 شخصية عامة بريطانية، رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون” عبر جريدة الديلي تليغراف، أكدوا فيها أن بريطانيا ليست “دولة مسيحية”، وذلك ردا على استخدام كاميرون هذا الوصف في مقال له الأسبوع الماضي. وقالت شخصيات عامة ومنها المؤلفان فيليب بولمان وتيري براتشيت أنهم يحترمون المعتقدات الدينية للزعيم المحافظ والتي أشار إليها في عدد من التصريحات، لكنهم اختلفوا مع وصفه لبريطانيا وقالوا في رسالة بعثوا بها إلى صحيفة ديلي تليغراف إن الدولة هي في واقع الأمر “مجتمع تعددي” من أشخاص أغلبهم “غير متدينين”. وأضافت هذه المجموعة التي تضم 55 شخصا بينهم العالم جون سالستون الحائز على جائزة نوبل: “الاستمرار في إعلان ذلك (بريطانيا دولة مسيحية) يعزز الشعور بالاغتراب والانقسام في مجتمعنا”. وقالت الرسالة: “هذا يذكي دون داع مناقشات طائفية مضنية، كانت غائبة بوجه عام عن حياة معظم البريطانيين الذين لا يريدون أن تكون للأديان أو الهويات الدينية الأولوية الكبيرة لدى حكومتهم المنتخبة”. وأظهر تعداد للسكان في عام 2011 أن المسيحية هي الديانة الأكبر في إنكلترا وويلز لكن عدد من وصفوا أنفسهم بأنهم مسيحيون تراجع من نحو 72 بالمئة عام 2001 إلى ما يزيد قليلا عن 59 بالمئة أو ما يعادل 33.2 مليون شخص.وقال نحو 14 مليون شخص إنهم لا يتبعون أية ديانة. وقال كاميرون في حفل استقبال بمناسبة عيد القيامة هذا الشهر “فخور أن أكون مسيحيا وأن يكون أولادي في مدرسة كنسية”. ووصف نفسه في مقال بصحيفة تشيرش تايمز الأسبوع الماضي بأنه “عضو بكنيسة إنكلترا وأظن أنني كلاسيكي بالأحرى”. وأضاف أن على بريطانيا أن تكون أكثر ثقة في وضعها كدولة مسيحية. وتأتي تصريحات كاميرون في أعقاب فترة من التوتر بين كنيسة إنكلترا وحزب المحافظين وهو الشريك الأكبر في الحكومة الائتلافية ببريطانيا والذي سيخوض انتخابات برلمانية العام القادم. واتحدت القيادات الكنسية في انتقادها لإصلاحات الرعاية الاجتماعية والاستخدام المتزايد لبنوك الطعام المجانية في أنحاء بريطانيا. وأغضب كاميرون أيضا بعض المسيحيين وتسبب في حدوث انقسامات عميقة في حزب المحافظين بعد أن ساهم في إقرار تشريع بالبرلمان يسمح بزواج المثليين. ورأى بعض المراقبين في تصريحات رئيس الوزراء وسيلة لتهدئة غضب جزء من المسيحيين بسبب تشريع زواج المثليين وخفض المعونات المدرسية. وإذا كان الموقعون على الرسالة المفتوحة اعترفوا لديفيد كاميرون بالحق في إيمانه بعقيدته الدينية إلا أنهم أشاروا إلى أن تصريحاته لا تعكس واقع البلاد اليوم. وقالوا: “باستثناء وجهة نظر دستورية صارمة تبقي رسميا على وضع الكنيسة فإن بريطانيا ليست بلدا مسيحيا، بريطانيا مجتمع تعددي وغير ديني”. وأضاف هؤلاء ومن بينهم هارولد كروتو الحائز على جائزة نوبل للكيمياء والروائي فيليب بولمان وعالم الفلسفة أي سي غريلينغ والبروفسور جيم الخليلي رئيس جمعية محبي الإنسانية البريطانيين إن “الدأب على تكرار العكس يشجع على النفور والانقسام في مجتمعنا”. وردا على سؤال للبي.بي.سي قال الحقوقي بيتر تاتشيل الموقع أيضا على الرسالة أن التأكيد على أن بريطانيا بلد مسيحي “خطأ من ناحية الواقع الحالي” مشيرا إلى استطلاع لمعهد يوغوف قال فيه 65 بالمئة من الذين شملهم إنهم “غير متدينين”. رئاسة الوزراء اشارت إلى أن ديفيد كاميرون قال بالفعل عام 2011 إن بريطانيا بلد مسيحي و”يجب أن لا نخاف من قول ذلك”. المتحدث باسم داونينغ ستريت شدد على أن رئيس الوزراء “أضاف أن ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال أن الذين يؤمنون بعقائد أخرى أو لا يؤمنون بأية عقيدة على خطأ”. متحدثة باسم كاميرون قالت إن وجهة نظر رئيس الوزراء تعني أنه يجب على بريطانيا ألا تخشى من وصف نفسها بأنها دولة مسيحية لكن هذا لا يعني شعوره بالخطأ أن يكون للمرء عقيدة أخرى أو بلا عقيدة. وأضافت “قال في الكثير من المناسبات إنه فخور للغاية بأن بريطانيا فيها الكثير من الطوائف الدينية المختلفة وهو ما يجعلها دولة أقوى”. وفي مقال منفصل رد الكاتب البريطاني البارز تشارلز مور، كاتب سيرة حياة رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر، قائلا إن كاميرون لديه كل الحق في القول بأن القيم المسيحية هي التي تشكلت عليها المملكة المتحدة، ولكن كان عليه أن يدرك حاجة هذه القيم للدفاع عنها من هجمات الملحدين. العرب اللندنية