×
محافظة المنطقة الشرقية

23 سيدة أعمال من أسر بر جدة المنتجة يشاركن في معرض فوانيس

صورة الخبر

لشهر رمضان مكانة خاصة في قلوب المسلمين، ولا يختلف السوريون في ذلك عن غيرهم، بل ربما كانت لهفتهم أكبر في انتظار قدوم هذا الشهر الفضيل حيث كان السوريون يستيقظون صباح كل يوم على مدفع السحور وصوت المسحراتي، الذي يطلق عليه شعبياً اسم (أبو طبلة)، ذلك أنه يحمل طبلاً يصدر منه إيقاعات معينة تدعو إلى السحور والعبادة. ومعروف أن المطبخ الشامي غني بأصنافه وأنواعه الكثيرة من الأطعمة والمأكولات، وتجتهد ربة البيت الشامية، خلال هذا الشهر، لإظهار المزيد من مهارات الطبخ، وهكذا تعج المائدة الرمضانية في السحور بما لذ وطاب من أنواع المربيات والأجبان والألبان والزيتون والبيض وسواها من الأطعمة الخفيفة، بينما تحفل مائدة الفطور بأنواع كثيرة من المقبلات كالتبولة والفتوش والسلطات والكبة النية والحمص والفول واليبرق، فضلاً عن عصائر متنوعة كعرق السوس وشراب (قمر الدين)، وصولاً إلى الوجبات الرئيسة التي تضم أنواعاً مختلفة من الكبة إلى الشاكرية إلى شيخ المحشي إلى (الكواج) إلى المحاشي، وسواها من الأصناف، ناهيك بالطبع عن الحلويات الشامية المعروفة مثل الكنافة والمعمول والبقلاوة. ويسود لدى الدمشقيين مثل معروف يقول (العشر الأول من رمضان للمرق) كناية عن الاهتمام بإعداد وجبات الطعام، (والعشر الأوسط للخرق)، أي شراء ثياب وكسوة العيد، (والعشر الأخير لصر الورق) كناية عن الانهماك بإعداد حلوى العيد. وتطبيقاً لهذا المثل كانت المدينة تتحول إلى (خلية نشطة)، ففي الأسواق يتوزع بائعو الخضار والفواكه واللحوم والمجففات وغيرها عارضين بضاعتهم، ويتكثف الازدحام وبخاصة في العشر الأخير في أسواق دمشق التقليدية كالحميدية والبزورية وخان الجمرك والعصرونية والحمراء والصالحية وأبو رمانة والقصاع، إذ يتهافت الناس على شراء الألبسة وتجديد أثاث البيت والاستعداد للعيد الذي يأتي في نهاية رمضان. وتتوطد أواصر المحبة والألفة بين أفراد المجتمع السوري، حيث يتبادل المصلون تحيات الود والمحبة، وتتوثق هذه العلاقات حيث يتبرع الموسرون والأثرياء للمحتاجين بالهبات والزكاة والصدقات والكفارات التي يقوم بها أفراد مختصون يجمعون المال والسلع الأخرى لتوزع على الفقراء. ولئن اختلفت طبيعة الحياة الرمضانية في سوريا بين منطقة وأخرى، غير أن الطقس الرمضاني يكاد يكون متقارباً وتحضر خلاله مفردات من قبيل صلة الرحم، والزيارات العائلية، والصدقات، والإكثار من العبادة.. وكل ذلك ضمن أجواء روحانية تعيد الطمأنينة إلى النفوس. والملاحظ أن الدراما الرمضانية نفسها، ورغم كثرتها وتنوعها، تسعى إلى استعادة الطقوس الرمضانية القديمة في محاولة لجذب المشاهدين، ويندر أن نجد مسلسلاً في شهر رمضان يخلو من الإشارة إلى هذا الشهر الكريم، بل ثمة مسلسلات تسعى إلى توثيق الذاكرة الرمضانية بكل تفاصيلها وملامحها، وكأنها بذلك تحاول استعادة الطقس الرمضاني، ولو افتراضياً، بعدما انحسرت على أرض الواقع. إن الحديث عن الذاكرة الرمضانية يقودنا إلى عناصر وذكريات عذبة تعيش في أروقة النفس، ولا نستطيع، بأي حال، أن نجملها في بضع كلمات، غير أن العنوان العريض لها هي أنها كانت ترمز إلى المودة وتنطوي على معان ودلالات سامية راحت تتلاشى وسط طبيعة الحياة الحديثة، الصاخبة التي نعيشها، ولكن مهما يكن، فإن لرمضان سحره الخاص، وسيظل مشعاً في القلوب التي ترتاح لذكر الله، وتبحر في أروقة النفس كدلالة على عظمة الإسلام أولاً، وبرهاناً على أن الطقس الديني لا ينفصل، ألبتة، عن الطقس الاجتماعي الودود الذي يظهر مع كل رمضان، وإن بأشكال وتعبيرات مختلفة.