لا أحدَ يختلفُ على أنَّ الرئيس الروسي «بوتين» قد أعاد لروسيا هيبتها، مستغِّلاً ضعفَ شخصيَّة الرئيس الأمريكي «أوباما»، الذي حرص على أنْ يكون سجّله ناصعًا، بعد خروجه من البيت الأبيض، وكان التدخل الروسيّ في المشكلة السوريَّة، والوقوف بجانب النظام السوريِّ يحملُ صفة التحدِّي، ليس للولايات المتحدة الأمريكيَّة فقط، بل وحتَّى لعموم دول أوروبا، الأمر الذي دعا الرئيس بوتين أنْ يأمرَ بنشرٍ فوريٍّ لأنظمة صواريخ ديمون (الشيطان)، معلنًا بأنَّ هدفه تحييد فعاليَّة أيِّ تهديدٍ عسكريٍّ لأمن روسيا، وحذَّر من أنَّ روسيا ستستمر في القيام بكلِّ ما هو ضروريّ للحفاظ على التوازن الإستراتيجيّ القويّ، ولكنَّه سبق ذلك بتصريح غَازَلَ فيه الرئيسَ الأمريكيَّ المنتخب «ترامب» قال فيه: «إنَّ الرئيس ترامب سيتصرَّف عند انتهاج سياساته، استنادًا إلى إدراكه للمسؤولية التي يحملها، بعد وصوله إلى البيت الأبيض». ويبدو أن شخصيَّة الرئيس ترامب ليست كشخصيَّة سلفه أوباما، فـ»ترامب» معاندٌ إلى أقصى حدٍّ، يرفض الانهزام، وقد يعمل على إشعال حرب عالميَّة لقلّة خبرته، ووعيه السياسيّ يجهل عواقبها، وفي المقابل، لن يكون الرئيس الروسي «بوتين» كخروتشوف الذي استجاب لتهديدات الرئيس الأمريكي الأسبق «جون كينيدي»، وسحب صواريخه من كوبا، رأيناه كيف تصرَّف لحماية النظام السوري، فهو لا يقل عنادًا عن «ترامب»، فلن يلتفتا إلى ما ستُحدثه مواجهة بينهما -إذا تمَّت- من تدمير للعالم. يقول «ويليام بيري» وزير الدفاع الأمريكي السابق بأنَّ «الرئيس الأمريكي يملك من الوقت ما يقل عن 10 دقائق من أجل إصدار أمر استخدام السلاح النووي الذي يكفي لتدمير ومحو الحضارة الإنسانيَّة كلّها عن سطح الأرض، حيث يوجد في خدمة الطوارئ 1000 رأس نووي على أهبة الاستعداد من أجل الانطلاق. فيما يقول الأدميرال «سيسيل هانبي» قائد القيادة الإستراتيجيَّة الأمريكيَّة الذي يخضع لإمرته الغواصات النوويَّة، والقاذفات النوويَّة، والصواريخ الباليستيَّة العابرة للقارات، بأن الغواصة (كونتوكي) وحدها تحمل 200 رأس نووي. هذا ما يوجد في الولايات المتحدة فقط، فكيف بما يوجد لدى روسيا؟!. إنَّ العالمَ أصبحَ مهدَّدًا في ظل رئاسة هذين العنيدين بالفناء، وخصوصًا «ترامب»، الذي قال عنه الرئيس أوباما إنّه لا يستطيع أن يدير حسابه في «تويتر»، فكيف يمكنه الاحتفاظ بشفرة السلاح النوويّ. والذين شاهدوا الرئيس ترامب عبر «يوتيوب»، وهو يحلق رأس أحد المصارعين المهزومين خارج الحلبة نكاية، يُدركون مدى العناد والتحدِّي الذي يتَّصف به. والرئيس بوتين ليس ببعيد عنه في عناده وتحدِّيه، حيث هدَّد باستخدام السلاح النووي في أكثر من مناسبة، ففي أحد خطاباته الناريَّة التي أعقبت احتلاله للقرم، وجَّه تحذيرًا لأمريكا وللغرب، قال فيه: «القرم روسيَّة، واذهبوا للجحيم»، وتابع قائلاً: «لو تدخَّل الغربُ بالقرم لاستنفرنَا قواتنا النوويَّة». «ترامب» الذي أولى تجارته أهميَّة أكثر من التفرُّغ لتسمية أعضاء إدارته، سيتولَّى مهامَّه كرئيس للولايات المتحدة، وسط براكين تنذر بالانفجار في أيّة لحظة، مطلوب منه أن يتفادى العديد من المشكلات التي خلَّفها سلفه الضعيف الشخصيَّة «أوباما»، فهناك الصين، وإيران، وكوريا الشماليَّة، وسوريا، وجميعها ملفات مُعقَّدة قد تودِّي به إلى ضغط أزرار قيام الحرب العالميَّة الثالثة. hnalharby@gmail.com