لعل التعليم العام بمراحله المختلفة هو أهم خطوة يخطوها الإنسان في مراحله المبكرة نحو المستقبل وبناء الشخصية ورسم ملامحها ودبلجته فكرا وسلوكا داخل إطار الأنثروبولوجيا البشرية. وهي الخطوة الأصعب التي تحتاج إلى مقومات متعددة الحقول داخل إطار تربوي تعليمي يُعرف بالمدرسة التي يلعب فيها المعلم الدور الأساسي والأهم في حياة المتعلم وبناء سيكولوجيت واكتشاف طاقاته الإبداعية وصقلها وتنميتها كمخرجات تصنع مجتمعا حيويا بطاقات متعددة لتكوين منظومة وطن، فالمتعلمون يختلفون باختلاف فئاتهم العمرية وطاقاتهم الإبداعية والفكرية والنفسية والاجتماعية والتربوية وحتى المادية بل والمزاجية أيضا، وعلى المعلم أن يتعامل مع تلك الفئات في آنٍ واحد وأوقات متقاربة والذي يصل عددهم إلى أكثر من ثلاثمائة طالب يختلفون في سلوكياتهم ويحتاج كل منهم إلى نوعية معينة من التعامل، وعلى المعلم تغيير سلوكه بين الحين والآخر وهو السبب الذي يجعل المعلم يعاني بعضا من الاضطرابات في الشخصية والنفسية. فعندما نستعرض يوما في حياة المعلم الدراسي ستجده يوما شاقا تتلون فيه شخصيته ويتعدد سلوكه حتى أصبح يتحور كأوراق النبات حيث تجده يقوم بعدة أدوار غير دوره التعليمي فتجده مع هذا الطالب كأب ومع آخر دور الأخ وآخر دور الصديق وآخر دور العامل أو المربي وتارة حاكم وأخرى جلاد وتارة طبيب وأخرى نفساني، محاولا إرضاء هذا واحتواء ذاك وإصلاح هذه وعلاج تلك. يا له من عمل شاق ومجهود بدني وذهني وعقلي ونفسي خرافي يستنفد كل طاقات المعلم الجسدية والعقلية والنفسية. .. فهل أدركتم الآن من هو المعلم وما قيمته وكيف يعمل وماذا يصنع!؟ أحمد دمّاس مذكور