الرباط: «الشرق الأوسط» افتتح النجم الأميركي الشهير، جاستن تيمبرليك، حفلات مهرجان موازين في دورته الـ13 بحفل أذهل فيه عشاق موسيقى «البوب»، الذين حضروا بالآلاف. وأشعل تيمبرليك حماس الألوف الذين اكتظت بهم منصة السويسي بعدد من أغاني ألبومه الجديد، بإيقاعاتها الصاخبة، قبل أن يلقي التحية على عشاق فنه ويسألهم: «هل تريدون الاحتفال الليلة؟!». وتتابعت أغاني ألبومه «ذا 20 - 20 إكسبيرينس»، الذي يعدّ أكثر الألبومات مبيعا في العالم السنة الماضية، من «إتس نات أ باد ثينغ»، التي تعتلي حاليا قمة تصنيف البيلبورد، و«تيك باك ذو النايت»، و«سوت أند تاي»، و«تي كي أو» التي أعجب تيمبرليك بتفاعل الجمهور معها، ليطلب من مخرج الحفل إظهار «الجمهور الجميل»، كما وصفه، على الشاشة الكبرى للمنصة. واحتفظ برائعة «ميرورز» ليجعلها مسك ختام حفله الذي تساءل من فرط تجاوب الجمهور مع أغانيه: «هل تصدقون أنه الحفل الأول لي في المغرب؟». وبما أن اللقاء هو الأول من نوعه بين المغني الأميركي وجمهوره المغربي، كان لزاما على تيمبرليك أداء أغاني آخر حلقات نجاحه، والعودة بين الفينة والأخرى للتأريخ لقصة تألق نجم نجوم البوب، حيث رفع نسق الحفل إلى أوجه بأيقونة ألبومه الأول «جاستيفايد»؛ «روك يور بادي»، وغنى رفقة الجمهور «كراي مي أ ريفير». كما اختار بعناية من ألبومه الثاني «لوف ساوندز» أنجح الأغاني التي كرسته نجما لامعا في سماء الأغنية الغربية، «لوف ساوندز»، و«لوف ستوند»، ورقص الجمهور بمعيته على إيقاعات «سامر لوف»، ورفع الجمهور سبابته راسما دوائر في الهواء عند أداء تيمبرليك «وات غووز أراوند كامز أراوند» تماما كما يفعل في الكليب الخاص بالأغنية. واستعرض فنان القرن الـ21. كما وصفته جريدة «نيويورك تايمز» ذائعة الصيت، على امتداد الحفل، مواهبه المتعددة في الغناء والتمثيل والرقص والعزف على أكثر من آلة موسيقية. فعزف على البيانو في أغنية وعلى القيثارة في اثنتين، وتحرك برشاقة على المنصة يمنة ويسرة، واستعاد مع مجموعة «ذو تينيسي كيدز»، التي ترافق تيمبرليك في جولته الترويجية لألبومه الجديد، ذكريات الرقص الجماعي مع فرقة «إن سينك» التي اشتهر برفقتها في بداية مشواره الفني، قبل أن يغادرها ليبدأ مسيرته منفردا بداية الألفية الثالثة. وأصر تيمبرليك على تحية نجمين لامعين في سماء الموسيقى العالمية، فأهدى الجمهور أغنية «هارت بريك هوتيل» لأسطورة موسيقى «روك أند رول» وابن مدينة تيمبرليك، إلفيس بريسلي. كما لم يكن لينهل من ريبرتوار ملك الروك دون أن يحتفي بملك موسيقى «البوب»، مايكل جاكسون، حيث أبدع في أداء رائعة مايكل «هيومن نيتشر»، التي بدا الجمهور المغربي عاشقا لها أيضا. وتوج تيمبرليك خلال مشواره الفني، الذي ظهرت إرهاصات استثنائيته منذ مشاركته عام 1990 في برنامج اكتشاف المواهب «ستار سورتش» وهو ابن الـ11، بكثير من الجوائز التي نصبته ملكا جديدا لموسيقى «البوب». وكان آخر تتويجات تيمبرليك سبع جوائز بيلبورد، وثلاث جوائز للموسيقى الأميركية، وسبعة ترشيحات لجوائز غرامي، منها أفضل أداء فردي في البوب لأغنية «ميرورز». وافتتح كل من ناصيف زيتون ومحمد عساف ومراد بوريقي بمنصة النهضة حفلات الأغنية العربية في المهرجان، وتألق ناصيف زيتون خريج «ستار أكاديمي»، الذي تألق خاصة بأداء مواويل الشام فضلا عن كشكول عصري متنوع. وشد محمد عساف، ابن غزة، سفير الفن الفلسطيني، الجمهور بباقة متنوعة بين الأغنية الوطنية والشعبية (الدبكة)، وقد زاده حماسا رفع الأعلام الفلسطينية. وأسدل الشاب الموهوب مراد بوريقي ستار الأمسية بوصلات متنوعة عكست مرجعيته التراثية الأصيلة وحسه الفني الرفيع وولعه بالتخت العربي، الشرقي والأندلسي الزاخر. وودع جمهوره بأغنيتي «صوت الحسن» و«العيون عيني»، اللتين خلدتا ملحمة المسيرة الخضراء. وتألقت الأغنية المغربية على منصة موازين، إذ أدى ناصيف زيتون الأغنية الشهيرة «يا بنت بلادي» للراحل عبد الصادق شقارة. وأدى محمد عساف أغنية «شويخ من أرض مكناس» التي لحنها منذ زمن الفنان البحريني خالد الشيخ. وكان الفنانون الشباب قد عقدوا في وقت سابق لقاءات صحافية أعربوا خلالها عن امتنانهم لبرامج المسابقات الغنائية التي فتحت لكل منهم طريق التألق، لكنهم أجمعوا على أن فرض الذات يظل رهنا ببناء شخصية فنية مستقلة بناء على اختيارات موفقة، والخروج من جبة أداء أغاني النجوم. وعد ناصيف وعساف وبوريقي الصعود إلى منصة «موازين.. إيقاعات العالم» فرصة طالما حلموا بها، تعزز رصيدهم الجماهيري، وتفتح لهم مجالا أوسع للانتشار والتفاعل مع جمهور متذوق للغناء الرفيع. وكان الافتتاح الرسمي للمهرجان الذي يستمر إلى السابع من يونيو (حزيران) قد جرى في مسرح محمد الخامس، حيث أضفت فرقة «طبول بوروندي» الشهيرة، أجواء أفريقية دافئة بإيقاعاتها التقليدية التي أثارت إعجاب ضيوف حفل الافتتاح، من المغاربة والأجانب. ونشطت الفنانة الساخرة حنان الفاضلي الفقرة الأولى من حفل الافتتاح بوصلات فكاهية تكرس أسلوب الفنانة في تقمص الشخصية الشعبية، قبل أن تستقبل المنصة فرقة أضحت من علامات تاريخ الموسيقى الغربية. ويتعلق الأمر بفرقة «الكومودورس» التي قدمت باقة من أنجح أغانيها. وتستضيف العاصمة الرباط نجومها وزوارها بمناسبة هذه التظاهرة تحت شعار «اختلافاتنا تجمعنا»، الذي يؤطر برمجة غنية ومتنوعة ظلت وفية لأهداف هذا المهرجان، الذي يهدف إلى إرساء فضاء للتبادل والإنصات إلى عبقريات نجوم وشعوب وتجارب فنية مختلفة. وبحضور زهاء 1500 فنان، يجمع المهرجان هذه السنة، من خلال برمجة غنية وانتقائية، أكبر الأسماء في الساحة المغربية والعربية، بالإضافة إلى أسماء تخلد التقاليد والأساليب الموسيقية بالعالم. وقال منير المجيدي، رئيس جمعية «مغرب الثقافات» ورئيس مهرجان «موازين.. إيقاعات العالم»، إن هذه المظاهرة أصبحت بفضل الرعاية التي يحيطها بها صاحبها العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرعاية التي يشمل بها أسرة المهرجان بسائر مكوناتها «مهرجان كل الأذواق بالمغرب». وأوضح المجيدي، في كلمة تقديمية لبرنامج الدورة الـ13 للمهرجان، أن «موازين» بات «لقاء ثقافيا جديرا بمغرب يطمح إلى العالمية في كل مبادراته وتجلياته، مع تعلقه السرمدي بتراثه الحافل بالمفاخر». وأضاف أن هذا الأخير «تمكن من بلوغ سن الرشد حتى اخترقت شهرته حدود المملكة، الشيء الذي ارتقى به إلى العالمية، إذ أصبح يعد من أكبر الملتقيات الفنية»، وعدّ هذا التكريس على الصعيد الدولي ثمرة العمل الدؤوب الذي تقوم به خلايا الجمعية الملتحمة حول غاية وقيم مشتركة، والمؤمنة بقدرة المغرب على مواجهة أكبر التحديات. وأبرز المجيدي أن المهرجان استطاع، منذ إحداثه سنة 2001، أن يرتقي إلى صفوف أكبر المظاهرات الثقافية في العالم، بحيث بات يتصدر المهرجانات الدولية باحتلاله المرتبة الثانية عالميا بالنظر إلى الرقم القياسي الذي حققه على مستوى الإقبال الجماهيري (مليون ونصف المليون من الحضور)، وذلك حسب ما أكده تحقيق علمي أنجزته مؤسسة دولية مرموقة، كما أن مجلة الإكسبريس وضعته في المرتبة الخامسة ضمن أكبر المهرجانات الموسيقية التي تستحق المتابعة. وأضاف أن «موازين» يحرص على برمجة فنانين من المغرب ومن الأقطار العربية، ومن دول جنوب أفريقيا، كما يستقبل أكبر نجوم العالم، إلى جانب مجموعات الفنون الأصيلة. وذكر بأن دورة 2013 استضافت فنانين يمثلون 35 دولة، بينما يقترح الموسم الحالي ما لا يقل عن مائة عرض فني موزعة على سبعة أماكن تشمل مدينتي الرباط وسلا، إذ سيكون للجمهور موعد مع ألمع نجوم الموسيقى المغربية والعربية والدولية. ويتيح المهرجان للإنتاج المغربي فرصة فريدة للظهور في أبهى حلة، والتعريف بالألوان الفنية المغربية في حدث ينفرد بإشعاع دولي كبير. وخلص إلى أن مهرجان «موازين.. إيقاعات العالم» يحتل مكانة مرموقة في المشهد الثقافي للمملكة المغربية، لا لكونه يحول العاصمة إلى مسرح فسيح في الهواء الطلق فحسب، بل لأنه في الوقت نفسه يقوم بدور رافعة للتنمية الاقتصادية بالجهة ككل، مشيرا إلى ما يخلقه من وظائف مباشرة أو غير مباشرة لفائدة الشباب، فضلا عن مساهمته في تنمية صناعة الفنون الاستعراضية بالمملكة.